الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{أَمۡ يُرِيدُونَ كَيۡدٗاۖ فَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ هُمُ ٱلۡمَكِيدُونَ} (42)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{أم يريدون} يقول: أيريدون... {كيدا} يعني مكرا بمحمد صلى الله عليه وسلم {فالذين كفروا} من أهل مكة {هم المكيدون} يقول: هم الممكور بهم...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: بل يريد هؤلاء المشركون يا محمد بك، وبدين الله كيدا.

"فالّذِينَ كَفَرُوا هُمُ المَكِيدُونَ" يقول: فهم المكيدون الممكورُ بهم دونك، فثق بالله، وامض لما أمرك به.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

أي يريدون كيدا برسول الله صلى الله عليه وسلم لكن هم المكيدون أي إليهم يرجع ذلك الكيد الذي أرادوا برسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم يحتمل ذلك الكيد الذي أخبر عز وجل أنه عليهم في الدنيا على ما قاله أهل التأويل، إنهم قُتلوا يوم بدر، ويحتمل ذلك في الآخرة...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

والكيد من الله هو التدبير الذي يدبره لأوليائه على أعدائه ليقهروهم ويستعلوا عليهم بالقتل والأسر. وقال الزجاج: معناه أيريدون بكفرهم وطغيانهم كيدا، فالله تعالى يكيدهم بالعذاب في الدنيا والآخرة...

الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي 468 هـ :

{فالذين كفروا هم المكيدون} المجزيون بكيدهم لأن الله تعالى حفظ نبيه عليه السلام من مكرهم.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{فالذين كَفَرُواْ} إشارة إليهم أو أريد بهم كل من كفر بالله {هُمُ المكيدون} هم الذين يعود عليهم وبال كيدهم ويحيق بهم مكرهم. وذلك أنهم قتلوا يوم بدر. أو المغلوبون في الكيد، من كايدته فكدته.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

فسمى غلبتهم {كيداً} إذ كانت عقوبة الكيد.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

{أم يريدون كيدا فالذين كفروا هم المكيدون}...

أي لا يقدرون على الكيد، فإن الله يصونك بعينه وينصرك بصونه، وعلى هذا إذا قلنا بقول من يقول {أم عندهم الغيب} متصل بقوله تعالى: {نتربص به ريب المنون} فيه ترتيب في غاية الحسن وهو أنهم لما قالوا {نتربص به ريب المنون} قيل لهم أتعلمون الغيب فتعلمون أنه يموت قبلكم، أم تريدون كيدا فتقولون نقتله فيموت قبلنا، فإن كنتم تدعون الغيب فأنتم كاذبون، وإن كنتم تظنون أنكم تقدرون عليه فأنتم غالطون فإن الله يصونه عنكم وينصره عليكم...

{فالذين كفروا هم المكيدون} عام في كل كافر كاده الشيطان ويكيده الله أي يعذبه، وصار المعنى على ما ذكرناه أتهديهم لوجه الله أم تسألهم أجرا فتثقلهم فيمتنعون عن الإتباع، أم عندهم الغيب فلا يحتاجون إليك فيعرضون عنك، أم ليس شيء من هذين الأمرين الأخيرين فيريدون العذاب، والعذاب غير مدفوع عنهم بوجه من الوجوه لكفرهم فالذين كفروا معذبون.

المسألة الثالثة: ما الفائدة في تنكير الكيد حيث لم يقل أم يريدون كيدك أو الكيد أو غير ذلك ليزول الإبهام؟ نقول فيه فائدة، وهي الإشارة إلى وقوع العذاب من حيث لا يشعرون فكأنه قال يأتيهم بغتة ولا يكون لهم به علم أو يكون إيرادا لعظمته كما ذكرنا مرارا...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

انتقال من نقض أقوالهم وإبطال مزاعمهم إلى إبطال نواياهم وعزائمهم من التبييت للرسول صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين ولدعوة الإِسلام من الإِضرار والإِخفاق، وفي هذا كشف لسرائرهم وتنبيه للمؤمنين للحذر من كيدهم.

وحذف متعلِّق {كيداً} ليعم كل ما يستطيعون أن يكيدوه، فكانت هذه الجملة بمنزلة التتميم لنقض غزلهم والتّذييل بما يعم كل عزم يجري في الأغراض التي جرت فيها مقالاتهم.

والكيد والمكر متقاربان، وكلاهما إظهار إخفاء الضر بوجوه الإِخفاء تغريراً بالمقصودِ له الضُرُّ.

وعدل عن الإِضمار إلى الإِظهار في قوله: {فالذين كفروا هم المكيدون} وكان مقتضى الظاهر أن يقال فهم المكيدون لِما تؤذن به الصلة من وجه حلول الكيد بهم لأنهم كفروا بالله، فالله يدافع عن رسوله صلى الله عليه وسلم وعن المؤمنين وعن دينه كيدهم ويوقعهم فيما نووا إيقاعهم فيه.

وضمير الفصل أفاد القصر، أي الذين كفروا المكيدون دون من أرادوا الكيد به.

وإطلاق اسم الكيد على ما يجازيهم الله به عن كيدهم من نقض غزلهم إطلاقٌ على وجه المشاكلة بتشبيه إمهال الله إياهم في نعمة إلى أن يقع بهم العذاب بفعل الكائد لغيره، وهذا تهديد صريح لهم، وقد تقدم قوله: {ويمكرون ويمكر اللَّه واللَّه خير الماكرين} في سورة الأنفال (30). ومن مظاهر هذا التهديد ما حلّ بهم يوم بدر على غير ترقب منهم.

والقول في تفريع {فالذين كفروا هم المكيدون} كالقول في تفريع قوله: {فهم من مغرم مثقلون} [الطور: 40].