ولا يدري أحد ما شجرة الزقوم إلا ما وصفها الله به في سورة أخرى من أن طلعها كرؤوس الشياطين . ورؤوس الشياطين لم يرها أحد ولكنها تلقي في الحس ما تلقيه ! على أن لفظ( الزقوم )نفسه يصور بجرسه ملمسا خشنا شائكا مدببا يشوك الأكف - بله الحلوق - وذلك في مقابل السدر المخضود والطلح المنضود - ومع أن الزقوم كرؤوس الشياطين ! فإنهم لآكلون منها
شجر الزقوم : شجر ينبت في أصل الجحيم ، كريه المنظر والرائحة .
51 ، 52 ، 53- { ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ * لَآَكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ * فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ } .
ثم إنكم أيها الضالون عن الهداية والإيمان بالله ورسله ، المكذبون بالبعث والجزاء ، لداخلون في جهنم ، فإذا اشتد جوعكم فيجب أن تأكلوا من شجر بشع مؤلم ، لأنه كريه المنظر كريه الطعم ويجب أن تملئوا بطونكم منه زيادة في عذابكم .
{ لآكلون من شجر } منبته النار .
ولما كان الشجر معدن الثمار الشهية{[62142]} كالسدر والطلح ، بينه بقوله : { من زقوم * } أي شيء هو في غاية الكراهة والبشاعة في المنظر ونتن الرائحة والأذى ، قال أبو عبد الله القزاز في ديوانه الجامع وعبد الحق في واعيه : الزقم{[62143]} : شوب اللبن والإفراط فيه ، يقال : بات يزقم اللبن زقماً ، ومن هذا الزقوم الذي ذكره الله{[62144]} تبارك وتعالى ، وقالا : قال أبو حنيفة : الزقوم شجرة غبراء صغيرة الورق{[62145]} لا شوك لها زفرة لها كعابر في رؤوسها ولها ورد تجرشه النحل ، ونورها أبيض ورأس ورقها قبيح جداً ، وهي مرعى ، ومنابتها السهل ، وقال في القاموس : في الدفر بالدال المهملة ، الدفر - بالتحريك : وقوع الدود في الطعام والذل والنتن ، ويسكن ، وقال في المعجمة : الذفر - محركة : شدة ذكاء{[62146]} الريح كالذفرة أو يخص{[62147]} برائحة الإبط المنتن ، والنتن ماء الفحل ، والذفراء من الكتائب : السهكة من الحديد ، والكعبرة بضمتين وعين وراء مهملتين : عقدة أنبوب الزرع ، وعن السهيلي أن أبا حنيفة ذكر في النبات أن شجرة باليمن يقال لها الزقوم لا ورق لها ، وفروعها أشبه شيء برؤوس الحيات ، وقال البيضاوي : شجرة صغيرة الورق دفرة مرة تكون بتهامة ، وفي القاموس : والزقمة : الطاعون وقال في النهاية : فعول من الزقم : اللقم الشديد والشرب المفرط ، وقال ابن القطاع{[62148]} : زقم زقماً : بلع ، وقد علم من مجموع{[62149]} هذا الكلام تفسيره بالطاعون تارة والشرب المفرط أخرى ، ومن الاشتراط والشجرة المنتنة والبشعة المنظر أنه شيء كريه يضطر آكله إلى التملئ منه بنهمة وهمة عظيمة ، ومن المعلوم أن الحامل له على هذا مع هذه الكراهة لا يكون إلا في أعلى طبقات الكراهة ،