ثم يتبعون هذه القولة الجاهلة المطموسة بالتهكم والاستنكار :
( لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل . إن هذا إلا أساطير الأولين ) .
فهم كانوا يعرفون أن الرسل من قبل قد أنذروا آباءهم بالبعث والنشور . مما يدل على أن العرب لم تكن أذهانهم خالية من العقيدة ، ولا غفلا من معانيها . إنما كانوا يرون أن الوعود لم تتحقق منذ بعيد ؛ فيبنون على هذا استهتارهم بالوعد الجديد قائلين : إنها أساطير الأولين يرويها محمد [ صلى الله عليه وسلم ] غافلين أن للساعة موعدها الذي لا يتقدم لاستعجال البشر ولا يتأخر لرجائهم ، إنما يجيء في الوقت المعلوم لله ، المجهول للعباد في السماوات والأرض سواء . ولقد قال رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] لجبريل - عليه السلام - وهو يسأله عن الساعة : " ما المسؤول عنها بأعلم من السائل " .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَقَالَ الّذِينَ كَفَرُوَاْ أَإِذَا كُنّا تُرَاباً وَآبَآؤُنَآ أَإِنّا لَمُخْرَجُونَ * لَقَدْ وُعِدْنَا هََذَا نَحْنُ وَآبَآؤُنَا مِن قَبْلُ إِنْ هََذَآ إِلاّ أَسَاطِيرُ الأوّلِينَ } .
يقول تعالى ذكره : قال : الذين كفروا بالله أئنا لمخرجون من قبورنا أحياء ، كهيئتنا من بعد مماتنا بعد أن كنا فيها ترابا قد بلينا لَقَدْ وُعِدْنا هَذَا نَحْنُ وآباؤُنا مِنْ قَبْلُ يقول : لقد وعدنا هذا من قبل محمد ، واعدون وعدوا ذلك آباءنا ، فلم نر لذلك حقيقة ، ولم نتبين له صحة إنْ هذَا إلاّ أساطِيرُ الأوّلِينَ يقول : قالوا : ما هذا الوعد إلا ما سطّر الأوّلون من الأكاذيب في كتبهم ، فأثبتوه فيها وتحدّثوا به من غير أن يكون له صحة .
وبعد فقد حصل في الاختلاف بين أسلوب الآيتين تفنن كما تقدم في المقدمة السابعة .
والأساطير : جمع أسطورة ، وهي القصة والحكاية . وتقدم الكلام على ذلك عند قوله تعالى { وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين } في سورة النحل ( 24 ) . والمعنى : ما هذا إلا كلام معاد قاله الأولون وسطّروه وتلقفه من جاء بعدهم ولم يقع شيء منه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.