المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَبَرَّۢا بِوَٰلِدَيۡهِ وَلَمۡ يَكُن جَبَّارًا عَصِيّٗا} (14)

14- وجعله الله كثير البر بوالديه والإحسان إليهما ، ولم يجعله مُتَجبّراً علي الناس ، ولا عاصياً لله .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَبَرَّۢا بِوَٰلِدَيۡهِ وَلَمۡ يَكُن جَبَّارًا عَصِيّٗا} (14)

{ و ْ } كان أيضا { بَرًّا بِوَالِدَيْهِ ْ } أي : لم يكن عاقا ، ولا مسيئا إلى أبويه ، بل كان محسنا إليهما بالقول والفعل .

{ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا ْ } أي : لم يكن متجبرا متكبرا عن عبادة الله ، ولا مترفعا على عباد الله ، ولا على والديه ، بل كان متواضعا ، متذللا ، مطيعا ، أوابا لله على الدوام ، فجمع بين القيام بحق الله ، وحق خلقه ، ولهذا حصلت له السلامة من الله ، في جميع أحواله ، مبادئها وعواقبها ،

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَبَرَّۢا بِوَٰلِدَيۡهِ وَلَمۡ يَكُن جَبَّارًا عَصِيّٗا} (14)

وقوله تعالى : { وبراً بوالديه } الآية ، «البر » الكثير البر .

و «الجبار » المتكبر كأنه يجبر الناس على أخلاقه والنخلة الجبارة العظيمة العالية . و «العصي » أصله عصوي فعول بمعنى فاعل . وروي أن يحيى بن زكرياء عليه السلام لم يواقع معصية صغيرة ولا كبيرة كما تقدم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَبَرَّۢا بِوَٰلِدَيۡهِ وَلَمۡ يَكُن جَبَّارًا عَصِيّٗا} (14)

عطف بروره بوالديه على كونه تقياً للدلالة على تمكنه من هذا الوصف .

البرور : الإكرام والسعي في الطاعة . والبَرّ بفتح الباء وصف على وزن المصدر ، فالوصف به مبالغة . وأما البِر بكسر الباء فهو اسم مصدر لعدم جريه على القياس .

والجبّار : المستخف بحقوق الناس ، كأنه مشتق من الجبر ، وهو القسر والغصب . لأنّه يغصب حقوق النّاس .

والعصيّ : فعيل من أمثلة المبالغة ، أي شديد العصيان ، والمبالغة منصرفة إلى النفي لا إلى المنفيّ . أي لم يكن عاصياً بالمرة .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَبَرَّۢا بِوَٰلِدَيۡهِ وَلَمۡ يَكُن جَبَّارًا عَصِيّٗا} (14)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: وكان برّا بوالديه، مسارعا في طاعتهما ومحبتهما، غير عاقّ بهما. "ولَمْ يَكُنْ جَبّارا عَصِيّا "يقول جلّ ثناؤه: ولم يكن مستكبرا عن طاعة ربه وطاعة والديه، ولكنه كان لله ولوالديه متواضعا متذللاً، يأتمر لما أمر به، وينتهى عما نُهِي عنه، لا يَعْصِي ربه، ولا والديه.

وقوله: "عَصِيّا"... بمعنى أنه ذو عصيان...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{ولم يكن جبارا عصيا} بل كان خاضعا لله ذليلا مطيعا. وقال الحسن: {ولم يكن جبارا عصيا} أي لم يكن ممن يجبر الناس على معصية الله...

الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :

قال الحلبي: الجبّار الذي يضرب ويقتل على الغضب.

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

{براً بوالديه} كأمر الله -سبحانه- له بذلك لا لمودَّةِ البَشَرِ وموجِبِ عادة الإنسانية. ولم يكن متمرداً عن الحق جاحداً لربوبيته.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

«البر» الكثير البر. و «الجبار» المتكبر كأنه يجبر الناس على أخلاقه والنخلة الجبارة العظيمة العالية...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

{وبرا بوالديه} وذلك لأنه لا عبادة بعد تعظيم الله تعالى مثل تعظيم الوالدين، ولهذا السبب قال: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا}.

{ولم يكن جبارا} والمراد وصفه بالتواضع ولين الجانب وذلك من صفات المؤمنين كقوله تعالى: {واخفض جناحك للمؤمنين} وقال تعالى: {ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك} ولأن رأس العبادات معرفة الإنسان نفسه بالذل ومعرفة ربه بالعظمة والكمال ومن عرف نفسه بالذل وعرف ربه بالكمال كيف يليق به الترفع والتجبر، ولذلك فإن إبليس لما تجبر وتمرد صار مبعدا عن رحمة الله تعالى وعن الدين. وقيل الجبار هو الذي لا يرى لأحد على نفسه حقا وهو من العظم والذهاب بنفسه عن أن يلزمه قضاء حق أحد، وقال سفيان في قوله: {جبارا عصيا} إنه الذي يقتل على الغضب والدليل عليه قوله تعالى: {أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض} وقيل: كل من عاقب على غضب نفسه من غير حق فهو جبار لقوله تعالى: {وإذا بطشتم بطشتم جبارين}...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{وبراً} أي واسع الأخلاق محسناً {بوالديه ولم يكن} جبلة وطبعاً {جباراً} عليهما ولا على غيرهما؛ ثم قيده بقوله: {عصياً} إشارة إلى أنه يفعل فعل الجبارين من الغلظة والقتل والبطش بمن يستحق ذلك كما قال تعالى لخاتم النبيين صلى الله عليه وسلم {جاهد الكفار والمنافقين وأغلظ عليهم} [التحريم: 9] فكان مطيعاً لله قائماً بحقوقه وحقوق عباده على ما ينبغي، فهنيئاً له ما أعطاه من هذه الخلال القاضية بالكمال، والتعبير بصيغة المبالغة يفهم أن المنفي الجبل عليها، وما دونها يذهبه الله بغسل القلب أو غيره

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

{وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا ْ} أي: لم يكن متجبرا متكبرا عن عبادة الله، ولا مترفعا على عباد الله، ولا على والديه، بل كان متواضعا، متذللا، مطيعا، أوابا لله على الدوام، فجمع بين القيام بحق الله، وحق خلقه، ولهذا حصلت له السلامة من الله، في جميع أحواله، مبادئها وعواقبها...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

عطف بروره بوالديه على كونه تقياً للدلالة على تمكنه من هذا الوصف. البرور: الإكرام والسعي في الطاعة. والبَرّ بفتح الباء وصف على وزن المصدر، فالوصف به مبالغة. وأما البِر بكسر الباء فهو اسم مصدر لعدم جريه على القياس. والجبّار: المستخف بحقوق الناس، كأنه مشتق من الجبر، وهو القسر والغصب. لأنّه يغصب حقوق النّاس. والعصيّ: فعيل من أمثلة المبالغة، أي شديد العصيان، والمبالغة منصرفة إلى النفي لا إلى المنفيّ. أي لم يكن عاصياً بالمرة.

أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن للشنقيطي 1393 هـ :

البَر (بالفتح) هو فاعل البِر (بالكسر) كثيراً أي وجعلناه كثير البر بوالديه، أي محسناً إليهما، لطيفاً بهما، لين الجانب لهما...

والجبار: هو كثير الجبر، أي القهر للناس، والظلم لهم. وكل متكبر على الناس يظلمهم: فهو جبار. وقد أطلق في القرآن على شديد البطش في قوله تعالى: {وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ 130} وعلى من يتكرر منه القتل في قوله: {أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِالأمْسِ إِن تُرِيدُ إِلاَّ أَن تَكُونَ جَبَّاراً في الأرْضِ} الآية...

زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :

هذان الوصفان يضافان إلى الأوصاف الثلاثة السابقة، أول الوصفين إيجابي، والثاني سلبي.

أما الوصف الأول: فهو أنه كان برا بأبويه، وهو استجابة لزكريا، لأنه كان يخاف الموالي من ورائه، فجاءه البر به وبأمه، والذي به تقر أعينهما، ولا يجدون شقوة في عشرته بل يصاحبهما صحبة طيبة كريمة برة.

والوصف الثاني: سلبي، وهو أنه لم يكن جبارا مستكبرا مستطيلا على الناس بقوته أو رهبته، بل كان أليفا متطامنا مطمئن النفس عادلا، لا يرهب، ولا يتجبر، ووصف الجبار بأنه عصى، وكل جبار عصى، لأن يعصى بالبعد عن الناس ويعصى بمجافاتهم، ويعصى بعداوتهم، ويعصى بالظلم، فالظلم مرتعه وخيم، ويشقى فوق ذلك بغضب الله تعالى عليه، وحسب الظلم شقاء، فإنه لا يظلم إلا شقي، ولا يسعى مع ظالم إلا شقي...

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

{ولم يكن جبارا عصيا}. وصفة الجبروت وصفة العصيان لا يتصوران من الولد على والديه، إلا حين يرى من أبيه شرودا عنه وانصرافا عن رعايته، وحين يرى من أمه انشغالا عن تربيته، فهي تاركة له غير مراعية لحقه. لذلك نرى صورا من هذا الجبروت ومن هذا العصيان، ونسمع من يقسو على أمه وعلى أبيه؛ لأنه لم يجد منهما العطف والحنان والرعاية، فتقطعت بينهما أواصر الأبوة.

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

{عَصِيّاً}: الأصل في معناه: الامتناع، والمراد به هنا: أنه كان رؤوفاً رحيماً بمعاملته مع الناس. {وَبَرًّا بِواَلِدَيْهِ} في ما يعيشه من روحية البر، وأخلاقية الإحسان التي تملأ قلبه شعوراً بالرحمة، واعترافاً بجميل هذين الإنسانين اللذين كانا السبب في وجوده، بإرادة الله، والعنصر الأساس في عملية نموه وتكامله، والقلب الكبير الذي أفاض عليه المحبة والخير والحنان... وتلك هي الصفة الروحية الأخلاقية التي تجعل منه إنساناً منفتحاً على الآخرين في إنسانيته، ومتحرراً من سجن الأنانية التي تحبس الإنسان في دائرة ذاته. {وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً} كما هي حال الكثيرين ممن يحتلون المواقع المتقدمة في المجتمع؛ إذ إن مواقعهم تلك تدفعهم إلى الشعور بالقوة المستعلية والجبروت المتكبر الذي لا يرون معه لأحد عليهم حقاً، ويرون لأنفسهم كل الحق على الآخرين. بل هو، على العكس من ذلك، مجرد إنسان طيب متواضع يرى للناس الحق عليه في ما قد يراه لنفسه أو في ما لا يراه لها، فيتعهدهم إلى مواقع الهدى والرشاد، وبذلك لم يكن خلقه قاسياً عصياً، بل كان رؤوفاً رحيماً ليناً في ما يصادفه من قضايا الناس وآلامهم، وتلك هي روحية السلام الذي يمثل الأمن الروحي في حياته الفردية وفي حياته الاجتماعية، في الدنيا والآخرة.