السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَبَرَّۢا بِوَٰلِدَيۡهِ وَلَمۡ يَكُن جَبَّارًا عَصِيّٗا} (14)

الصفة الخامسة قوله تعالى : { وبراً بوالديه } أي : بارّاً لطيفاً بهما محسناً إليهما لأنه لا عبادة بعد تعظيم اللّه تعالى أعظم من برّ الوالدين يدل عليه قوله تعالى : { وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إيّاه وبالوالدين إحساناً } [ الإسراء ، 23 ] . الصفة السادسة قوله تعالى { ولم يكن جباراً } أي : متكبراً والمراد وصفه بالتواضع ولين الجانب وذلك من صفات المؤمنين قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم { واخفض جناحك للمؤمنين } [ الحجر ، 88 ] ، وقال تعالى : { ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك } [ آل عمران ، 159 ] ولأن رأس العبادة معرفة الإنسان نفسه بالذل ومعرفة ربه بالعظمة والكمال ومن عرف نفسه بالذل وعرف ربه بالكمال كيف يليق به التجبر والترفع ولذلك لما تجبر إبليس وتمرد صار مبعداً عن رحمة اللّه تعالى وعن المؤمنين ، وقيل : الجبار هو الذي لا يرى لأحد على نفسه حقاً وهو من التعظيم والذهاب بنفسه من أنه لا يلزمه قضاء حق لأحد ، وقيل : هو كل من عاقب على غضب نفسه . الصفة السابعة قوله تعالى : { عصياً } أي : عاقاً أو عاصي ربه وهو أبلغ من العاصي كما أن العليم أبلغ من العالم .