فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَبَرَّۢا بِوَٰلِدَيۡهِ وَلَمۡ يَكُن جَبَّارًا عَصِيّٗا} (14)

{ وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا ( 14 ) وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا ( 15 ) واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا ( 16 ) فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا ( 17 ) قالت إني أعوذ بالرحمان منك إن كنت تقيا ( 18 ) قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا ( 19 ) قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا ( 20 ) } .

{ وبرا } فعل بمعنى فاعل أي بارا { بوالديه } والمعنى لطيفا بهما محسنا إليهما ، لأنه لا عبادة بعد تعظيم الله أعظم من برهما يدل عليه قوله تعالى :

{ وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا } .

{ ولم يكن جبارا عصيا } أي لم يكن متكبرا يقتل ، ويضرب على الغضب ، ولا عاصيا لوالديه ، أو لربه ، وهذا وصف له عليه السلام بلين الجانب وخفض الجناح ، والمراد أصل الفعل ، فالمنفي أصل الجبر ، والعيان ، لا المبالغة فيهما