{ يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ ْ } أي : يا أبت لا تحقرني وتقول : إني ابنك ، وإن عندك ما ليس عندي ، بل قد أعطاني الله من العلم ما لم يعطك ، والمقصود من هذا قوله : { فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا ْ } أي : مستقيما معتدلا ، وهو : عبادة الله وحده لا شريك له ، وطاعته في جميع الأحوال ، . وفي هذا من لطف الخطاب ولينه ، ما لا يخفى ، فإنه لم يقل : " يا أبت أنا عالم ، وأنت جاهل " أو " ليس عندك من العلم شيء " وإنما أتى بصيغة تقتضي أن عندي وعندك علما ، وأن الذي وصل إلي لم يصل إليك ولم يأتك ، فينبغي لك أن تتبع الحجة وتنقاد لها .
إعادة ندائه بوصف الأبوّة تأكيد لإحضار الذهن ولإمحاض النصيحة المستفاد من النداء الأول . قال في « الكشاف » : « ثم ثنى بدعوته إلى الحق مترفقاً به متلطفاً ، فلم يَسِمْ أباه بالجهل المفرط ولا نفسه بالعلم الفائق ولكنه قال : إن معي طائفة من العلم ليست معك ، وذلك عِلم الدلالة على الطريق السويّ ، فلا تستنكف ، وهب أني وإياك في مسير وعندي معرفة بالهداية دونك فاتبعني أنجك من أن تضل وتتيه » اهـ . ذلك أن أباه كان يرى نفسه على علم عظيم لأنه كان كبير ديانة قومه . وأراد إبراهيم علم الوحي والنبوءة .
وتفريع أمره بأن يتبعه على الإخبار بما عنده من العلم دليل على أن أحقية العالِم بأن يُتبع مركوزة في غريزة العقول لم يزل البشر يتقصّون مظانّ المعرفة والعلم لجلب ما ينفع واتقاءِ ما يضر ، قال تعالى : { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } [ النحل : 43 ]
وفي قوله : { أهدك صراطاً سوياً } استعارة مكنية ؛ شبه إبراهيم بهادي الطريق البصير بالثنايا ، وإثبات الصراط السويّ قرينة التشبيه ، وهو أيضاً استعارة مصرحة بأن شبه الاعتقاد الموصل إلى الحق والنجاة بالطريق المستقيم المبلغ إلى المقصود .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.