روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{يَـٰٓأَبَتِ إِنِّي قَدۡ جَآءَنِي مِنَ ٱلۡعِلۡمِ مَا لَمۡ يَأۡتِكَ فَٱتَّبِعۡنِيٓ أَهۡدِكَ صِرَٰطٗا سَوِيّٗا} (43)

{ ياأبت إني قَدْ جاءني مِنَ العلم مَا لَمْ يَأْتِكَ } ولم يسم أباه بالجهل المفرط وإن كان في أقصاه ولا نفسه بالعلم الفائق وإن كان كذلك بل أبرز نفسه في صورة رقيق له يكون أعرف بأحوال ما سلكاه من الطريق فاستماله برفق حيث قال : { فاتبعني أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً } أي مستقيماً موصلاً إلى أسنى المطالب منحياً عن الضلال المؤدي إلى مهاوي الردى والمعاطب . وقوله : { جاءني } ظاهر في أن هذه المحاورة كانت بعد أن نبىء عليه السلام ، والذي جاءه قيل العلم بما يجب لله تعالى وما يمتنع في حقه وما يجوز على أتم وجه وأكمله . وقيل : العلم بأمور الآخرة وثوابها وعقابها . وقيل : العلم بما يعم ذلك ثم ثبطه عما هو عليه بتصويره بصورة يستنكرها كل عاقل ببيان أنه مع عرائه عن النفع بالمرة مستجلب لضرر عظيم فإنه في الحقيقة عبادة الشيطان لما أنه الآمر به فقال : { ياأبت لاَ تَعْبُدِ الشيطان } .