{ 56 - 57 } { وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا * وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا }
أي : اذكر في الكتب{[510]} على وجه التعظيم والإجلال ، والوصف بصفات الكمال . { إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا } جمع الله له بين الصديقية ، الجامعة للتصديق التام ، والعلم الكامل ، واليقين الثابت ، والعمل الصالح ، وبين اصطفائه لوحيه ، واختياره لرسالته .
{ واذكر في الكتاب إدريس } وهو سبط شيث وجد أبي نوح عليهم السلام ، واسمه أخنوخ واشتقاق إدريس من الدرس يرده منع صرفه ، نعم لا يبعد أن يكون معناه في تلك اللغة قريبا من ذلك فلقب به لكثرة درسه ، إذ روي أنه تعالى أنزل عليه ثلاثين صحيفة ، وأنه أول من خط بالقلم ونظر في علم النجوم والحساب . { إنه كان صديقا نبيا } .
{ إدريس } عليه السلام هو من أجداد نوح عليه السلام ، وهو أول نبي بعث الى أهل الأرض ، فيما روي ، من بعد آدم ، وهو أول من خط بالقلم وكان خياطاً ، ووصفه الله ب «الصدق » والوجه أن يحمل ذلك على العموم في الأحاديث والأعمال . قال ابن مسعود هو الياس بعث إلى قومه بأن لا يقولوا لا إله إلا الله . ويعملوا ما شاؤوا فأبوا فأهلكوا ، والأشهر أنه لم يبعث بإهلاك أمة وإنما نبىء فقط .
إدريس : اسم جعل علماً على جد أبي نوح ، وهو المسمى في التوراة ( أُخنُوخ ) . فنوح هو ابن لامك بن متُوشالح بن أُخنوخ ، فلعل اسمه عند نسّابي العرب إدريس ، أو أن القرآن سماه بذلك اسماً مشتقاً من الدرس لما سيأتي قريباً . واسمه ( هرمس ) عند اليونان ، ويُزعم أنه كذلك يسمى عند المصريين القدماء ، والصحيح أن اسمه عند المصريين ( تُوت ) أو ( تحُوتي ) أو ( تهوتي ) لهجات في النطق باسمه .
وذكر ابن العِبْري في « تاريخه » : « أن إدريس كان يلقب عند قدماء اليونان ( طريسمجيسطيس ) ، ومعناه بلسانهم ثلاثي التعليم ، لأنه كان يصف الله تعالى بثلاث صفات ذاتية وهي الوجود والحكمة والحياة » اهـ .
ولا يخفى قرب الحروف الأولى في هذا الاسم من حروف إدريس ، فلعل العرب اختصروا الاسم لطوله فاقتصروا على أوله مع تغيير .
وكان إدريس نبيئاً ، ففي الإصحاح الخامس من سفر التكوين « وسار أُخنوخ مع الله » . قيل : هو أول من وضع للبشر عمارة المدن ، وقواعد العلم ، وقواعد التربية ، وأول من وضع الخط ، وعلّم الحساب بالنجوم وقواعدَ سير الكواكب ، وتركيب البسائط بالنّار فلذلك كان علم الكيمياء ينسب إليه ، وأوّل من علم الناس الخياطة . فكان هو مبدأ من وضع العلوم ، والحضارة ، والنظم العقليّة .
فوجه تسميته في القرآن بإدريس أنّه اشتق له اسم من الفرس على وزن مناسب للأعلام العجميّة ، فلذلك منع من الصرف مع كون حروفه من مادة عربية ، كما منع إبليس من الصرف ، وكما منع طالوت من الصرف .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.