وقوله : { الّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ } يقول : الذين هم يراؤون الناس بصلاتهم إذا صَلّوْا ؛ لأنهم لا يصلّون رغبةً في ثواب ، ولا رهبةً من عقاب ، وإنما يصلونها ليراهم المؤمنون فيظنونهم منهم ، فيكفون عن سفك دمائهم ، وَسبْي ذراريهم ، وهم المنافقون الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يستبطنون الكفر ، ويُظهرون الإسلامَ ، كذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو عامر ومؤمل ، قالا : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : { الّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ } قال : هم المنافقون .
حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مِهْران ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
حدثني يونس ، قال : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام في قوله : { يُرَاءُونَ وَيمْنَعُونَ المَاعُونَ } قال : يراؤون بصلاتهم .
حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { الّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ الّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ } يعني المنافقين .
حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قال : هم المنافقون ، كانوا يراؤون الناس بصلاتهم إذا حضروا ، ويتركونها إذا غابوا .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : ثني ابن زيد : ويصلون ، وليس الصلاة من شأنهم رياء .
وقوله تعالى : { الذين هم يراؤون } بيان أن صلاة هؤلاء ليست لله تعالى بنية إيمان ، وإنما هي رياء للبشر ، فلا قبول لها ، وقرأ ابن أبي إسحاق وأبو الأشهب : «يرؤن » مهموزة مقصورة مشددة الهمزة{[11999]} ، وروي عن ابن أبي إسحاق : «يرؤون » بغير شد في الهمزة .
وتقديم المسند إليه على الخبر الفعلي في قوله : { هم يراءون } لتقوية الحكم ، أي تأكيده .
فأما على القول بأن السورة مدنية أو بأن هذه الآيات الثلاث مدنية يكون المراد بالمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون والصلاتِ بعدها : المنافقين ، فإطلاق المصلين عليهم بمعنى المتظاهرين بأنهم يصلون وهو من إطلاق الفعل على صورته كقوله تعالى : { يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة } [ التوبة : 64 ] أي يظهرون أنهم يحذرون تنزيل سورة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.