المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا نَوۡمَكُمۡ سُبَاتٗا} (9)

9- وجعلنا نومكم راحة لكم من عناء العمل{[226]} .


[226]:النوم هو توقف نشاط الجزء المدرك الواعي من المخ ـ أي قشرته ـ أو هبوط ذلك النشاط هبوطا كبيرا متفاوت الدرجات في نشاط كافة أعضاء الجسم وأنسجته مما يترتب عليه انخفاض في توليد طاقة الجسم وحرارته، ثم يأخذ الجسم أثناء النوم نصيبا من الهدوء والراحة بعد عناء المجهودات العضلية أو العصبية أو كليهما، فتهبط جميع وظائف الجسم الحيوية، ماعدا عمليات الهضم وإفراز البول من الكليتين والعرق من الجلد. فإن في وقف هذه العمليات الأخيرة ضررا على حياة الفرد. أما التنفس مثلا فيبطؤ ويصير أكثر عمقا ويغدو صدريا أكثر منه بطنيا، وتبطؤ سرعة النبض ويقل مقدار ما يدفقه من القلب من كل ضربة، ويضعف توتر العضلات ويصير من الصعب الحصول على الحركات العكسية وكل هذا يسبب الراحة للإنسان أثناء نومه.
 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا نَوۡمَكُمۡ سُبَاتٗا} (9)

{ وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا } أي : راحة لكم ، وقطعا لأشغالكم ، التي متى تمادت بكم أضرت بأبدانكم ،

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا نَوۡمَكُمۡ سُبَاتٗا} (9)

( وجعلنا نومكم سباتا . وجعلنا الليل لباسا . وجعلنا النهار معاشا ) . .

وكان من تدبير الله للبشر أن جعل النوم سباتا يدركهم فيقطعهم عن الإدراك والنشاط ؛ ويجعلهم في حالة لا هي موت ولا هي حياة ، تتكفل بإراحة أجسادهم وأعصابهم وتعويضها عن الجهد الذي بذلته في حالة الصحو والإجهاد والانشغال بأمور الحياة . . وكل هذا يتم بطريقة عجيبة لا يدرك الإنسان كنهها ، ولا نصيب لإرادته فيها ؛ ولا يمكن أن يعرف كيف تتم في كيانه . فهو في حالة الصحو لا يعرف كيف يكون وهو في حالة النوم . وهو في حالة النوم لا يدرك هذه الحالة ولا يقدر على ملاحظتها ! وهي سر من أسرار تكوين الحي لا يعلمه إلا من خلق هذا الحي وأودعه ذلك السر ؛ وجعل حياته متوقفة عليه . فما من حي يطيق أن يظل من غير نوم إلا فترة محدودة . فإذا أجبر إجبارا بوسائل خارجة عن ذاته كي يظل مستيقظا فإنه يهلك قطعا .

وفي النوم أسرار غير تلبية حاجة الجسد والأعصاب . . إنه هدنة الروح من صراع الحياة العنيف ، هدنة تلم بالفرد فيلقي سلاحه وجنته - طائعا أو غير طائع - ويستسلم لفترة من السلام الآمن ، والسلام الذي يحتاجه الفرد حاجته إلى الطعام والشراب . ويقع ما يشبه المعجزات في بعض الحالات حيث يلم النعاس بالأجفان ، والروح مثقل ، والأعصاب مكدودة ، والنفس منزعجة ، والقلب مروع . وكأنما هذا النعاس - وأحيانا لا يزيد على لحظات - انقلاب تام في كيان هذا الفرد . وتجديد كامل لا لقواه بل له هو ذاته ، وكأنما هو كائن حين يصحو جديد . . ولقد وقعت هذه المعجزة بشكل واضح للمسلمين المجهودين في غزوة بدر وفي غزوة أحد ، وامتن الله عليهم بها . وهو يقول : ( إذ يغشيكم النعاس أمنة منه ) . . ( ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم ) . . كما وقعت للكثيرين في حالات مشابهة !

فهذا السبات : أي الانقطاع عن الإدراك والنشاط بالنوم ضرورة من ضرورات تكوين الحي ؛ وسر من أسرار القدرة الخالقة ؛ ونعمة من نعم الله لا يملك إعطاءها إلا إياه . وتوجيه النظر إليها على هذا النحو القرآني ينبه القلب إلى خصائص ذاته ، وإلى اليد التي أودعتها كيانه ، ويلمسه لمسة تثير التأمل والتدبر والتأثر .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا نَوۡمَكُمۡ سُبَاتٗا} (9)

وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتا يقول : وجعلنا نومكم لكم راحة ودَعة ، تهدؤن به وتسكنون ، كأنكم أموات لا تشعرون ، وأنتم أحياء لم تفارقكم الأرواح والسبت والسبات : هو السكون ، ولذلك سمي السبت سبتا ، لأنه يوم راحة ودعة .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا نَوۡمَكُمۡ سُبَاتٗا} (9)

وجعلنا نومكم سباتا قطعا عن الإحساس والحركة استراحة للقوى الحيوانية وإزاحة لكلاهما أو موتا لأنه أحد التوفيين ومنه المسبوت للميت وأصله القطع أيضا .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا نَوۡمَكُمۡ سُبَاتٗا} (9)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

ثم ذكر نعمته فقال: {وجعلنا نومكم سباتا} يقول: إذا دخل الليل أدرككم النوم فتستريحون، ولولا النوم ما استرحتم أبدا من الحرص وطلب المعيشة، فذلك قوله: {سباتا} لأنه يسبت، والنائم مسبوت كأنه ميت لا يعقل...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وجعلنا نومكم لكم راحة ودَعة، تهدؤون به وتسكنون، كأنكم أموات لا تشعرون، وأنتم أحياء لم تفارقكم الأرواح. والسبت والسبات: هو السكون، ولذلك سمي السبت سبتا، لأنه يوم راحة ودعة...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

قيل: السبات: التمدد، وقيل: السبات: النوم الذي لا حركة فيه. ولهذا قيل للذي شبيه بالميت: مسبوت، وقيل: السبات: الراحة، ولذلك سمّي يوم السبت سبتا، لأنه يوم راحة وترك العمل في بني إسرائيل. ثم في إنشاء النوم دليل سلطانه ودخول الخلق بأجمعهم تحت تدبيره؛ إذ لا يتهيأ لأحد الاحتراز من النوم حتى لا يعتريه، بل يقهر الجبابرة، فيذلهم، ولا يمكنهم الخلاص منه بالحيل والأسباب. ثم النوم من أثقل الأحمال وأشدها، ثم إذا زايل الإنسان، وعاد المرء إلى حال اليقظة، وجد في نفسه خفة وراحة، ومن شأن هذا الإنسان أنه إذا حمل الحمل الثقيل مسه من ذلك فتور وكلال، لا يزول عنه ساعة ما يضع الحمل عن نفسه، بل يبقى ذلك الكلال فيه إلى مدة. فمن تدبر في أمر النوم دله على عظم شأنه وعجائب تدبيره...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

قيل: معناه جعلنا نومكم طويلا ممتدا تعظم به راحة أبدانكم ويكثر به انتفاعكم...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

... من السبت وهو القطع؛ لأنه مقطوع عن الحركة. والنوم: أحد التوفيين، وهو على بناء الأدواء. ولما جعل النوم موتاً، جعل اليقظة معاشاً، أي: حياة في قوله: {وَجَعَلْنَا النهار مَعَاشاً} [النبأ: 11]، أي: وقت معاش تستيقظون فيه وتتقلبون في حوائجكم ومكاسبكم...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما ذكر ما هو سبب لبقاء النوع، ذكر ما هو سبب لحفظه من إسراع الفساد فقال: {وجعلنا} أي بما لنا من العظمة {نومكم} الذي ركبنا البدن على قبوله {سباتاً} أي قطعاً عن الإحساس والحركة التي أتعبتكم في نهاركم مع الامتداد والاسترسال إراحة للقوى الحيوانية والحواس الجثمانية وإزاحة لكلالها مع أنه قاطع لكمال الحياة، فهو مذكر بالموتة الكبرى والاستيقاظ مذكر بالبعث،...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

(وجعلنا نومكم سباتا. وجعلنا الليل لباسا. وجعلنا النهار معاشا)..

وكان من تدبير الله للبشر أن جعل النوم سباتا يدركهم فيقطعهم عن الإدراك والنشاط؛ ويجعلهم في حالة لا هي موت ولا هي حياة، تتكفل بإراحة أجسادهم وأعصابهم وتعويضها عن الجهد الذي بذلته في حالة الصحو والإجهاد والانشغال بأمور الحياة.. وكل هذا يتم بطريقة عجيبة لا يدرك الإنسان كنهها، ولا نصيب لإرادته فيها؛ ولا يمكن أن يعرف كيف تتم في كيانه. فهو في حالة الصحو لا يعرف كيف يكون وهو في حالة النوم. وهو في حالة النوم لا يدرك هذه الحالة ولا يقدر على ملاحظتها! وهي سر من أسرار تكوين الحي لا يعلمه إلا من خلق هذا الحي وأودعه ذلك السر؛ وجعل حياته متوقفة عليه. فما من حي يطيق أن يظل من غير نوم إلا فترة محدودة. فإذا أجبر إجبارا بوسائل خارجة عن ذاته كي يظل مستيقظا فإنه يهلك قطعا.

وفي النوم أسرار غير تلبية حاجة الجسد والأعصاب.. إنه هدنة الروح من صراع الحياة العنيف، هدنة تلم بالفرد فيلقي سلاحه وجنته -طائعا أو غير طائع- ويستسلم لفترة من السلام الآمن، والسلام الذي يحتاجه الفرد حاجته إلى الطعام والشراب. ويقع ما يشبه المعجزات في بعض الحالات حيث يلم النعاس بالأجفان، والروح مثقل، والأعصاب مكدودة، والنفس منزعجة، والقلب مروع. وكأنما هذا النعاس -وأحيانا لا يزيد على لحظات- انقلاب تام في كيان هذا الفرد. وتجديد كامل لا لقواه بل له هو ذاته، وكأنما هو كائن حين يصحو جديد.. ولقد وقعت هذه المعجزة بشكل واضح للمسلمين المجهودين في غزوة بدر وفي غزوة أحد، وامتن الله عليهم بها. وهو يقول: (إذ يغشيكم النعاس أمنة منه).. (ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم).. كما وقعت للكثيرين في حالات مشابهة!

فهذا السبات: أي الانقطاع عن الإدراك والنشاط بالنوم ضرورة من ضرورات تكوين الحي؛ وسر من أسرار القدرة الخالقة؛ ونعمة من نعم الله لا يملك إعطاءها إلا إياه. وتوجيه النظر إليها على هذا النحو القرآني ينبه القلب إلى خصائص ذاته، وإلى اليد التي أودعتها كيانه، ويلمسه لمسة تثير التأمل والتدبر والتأثر.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

انتقل من الاستدلال بخلق الناس إلى الاستدلال بأحوالهم وخص منها الحالة التي هي أقوَى أحوالهم المعروفة شبهاً بالموت الذي يعقبه البعث وهي حالة متكررة لا يَخلُونَ من الشعور بما فيها من العبرة لأن تدبير نظام النوم وما يطرأ عليه من اليقظة أشبه حالٍ بحال الموت وما يعقبه من البعث.

وأوثر فعل {جعلنا} لأن النوم كيفية يناسبها فعل الجعل لا فعلُ الخلق المناسبُ للذوات كما تقدم في قوله: {ألم نجعل الأرض مهاداً} [النبأ: 6] وكذلك قوله: {وجعلنا الليل لباساً وجعلنا النهار معاشاً} [النبأ: 10، 11].