وقوله : وَاللّهُ أعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ يقول تعالى ذكره : والله أعلم بما تُوعيه صدور هؤلاء المشركين ، من التكذيب بكتاب الله ورسوله . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : يُوعُون قال : يكتمون .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَاللّهُ أعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ قال : المرء يُوعِي متاعه وماله هذا في هذا ، وهذا في هذا ، هكذا يعرف الله ما يوعون من الأعمال ، والأعمال السيئة مما تُوعيه قلوبهم ، ويجتمع فيها من هذه الأعمال الخير والشرّ ، فالقلوب وِعاء هذه الأعمال كلها ، الخير والشرّ ، يعلم ما يسرّون وما يعلنون ، ولقد وَعَى لكم ما لا يدري أحد ما هو من القرآن وغير ذلك ، قاتقوا الله وإياكم أن تدخلوا على مكارم هذه الأعمال ، بعضَ هذه الخبث ما يفسدها .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : يُوعُونَ قال في صدورهم .
اعتراض بين جملة { بل الذين كفروا يكذبون } [ الانشقاق : 22 ] ، وجملة : { فبشرهم بعذاب أليم } [ الانشقاق : 24 ] وهو كناية عن الإِنذار والتهديد بأن الله يجازيهم بسوء طويتهم .
ومعنى { بما يوعون } بما يُضمرون في قلوبهم من العناد مع علمهم بأنَّ ما جاء به القرآن حق ولكنهم يظهرون التّكذيب به ليكون صدودهم عنه مقبولاً عند أتباعهم وبين مجاوريهم .
وأصل معنى الإِيعاء : جعل الشيء وعاء والوعاء بكسر الواو الظرف لأنه يُجمع فيه ، ثم شاع إطلاقه على جمع الأشياء لئلا تفوت فصار مشعراً بالتقتير ، ومنه قوله تعالى : { وجَمَع فأوعى } [ المعارج : 18 ] وفي الحديث : « لا تُوعي فيُوعي الله عليكِ » واستعمل في هذه الآية في الإِخفاء لأنّ الإِيعاء يستلزم الإِخفاء فهو هنا مجاز مرسل .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
والله أعلم بما تُوعيه صدور هؤلاء المشركين، من التكذيب بكتاب الله ورسوله...
عن مجاهد، قوله: يُوعُون قال: يكتمون...
قال ابن زيد، في قوله: وَاللّهُ أعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ قال: المرء يُوعِي متاعه وماله هذا في هذا، وهذا في هذا، هكذا يعرف الله ما يوعون من الأعمال، والأعمال السيئة مما تُوعيه قلوبهم، ويجتمع فيها من هذه الأعمال الخير والشرّ، فالقلوب وِعاء هذه الأعمال كلها، الخير والشرّ، يعلم ما يسرّون وما يعلنون، ولقد وَعَى لكم ما لا يدري أحد ما هو من القرآن وغير ذلك، قاتقوا الله وإياكم أن تدخلوا على مكارم هذه الأعمال، بعضَ هذه الخبث ما يفسدها...
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
أحدها: ما يضمرون من الكيد والمكر برسول الله صلى الله عليه وسلم فالله أعلم بكيدهم؛ لا يتهيأ لهم أن ينفّذوا كيدهم فيه إلا ما كتب الله عليه، فيكون فيه بشارة له بالنصر والتأييد.
والثاني: {والله أعلم بما يوعون} في قلوبهم من التصديق ويظهرون من التكذيب بألسنتهم، أو بما يلمحون من التكذيب بألسنتهم وقلوبهم معا؛ وذلك أن البعض منهم كان قد أيقن برسالته، فكان يصدقه بقلبه، ويكذبه بلسانه على العناد منه والتمرد.
الثالث: منهم من لم يكن عرف صدقه بقلبه لما ترك الإنصاف من نفسه بإعراضه عن النظر في حجج الله تعالى، فكان يكذبه بقلبه ولسانه جميعا...
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
{بِمَا يُوعُونَ} بما يجمعون في صدورهم ويضمرون من الكفر والحسد والبغي والبغضاء. أو بما يجمعون في صحفهم من أعمال السوء ويدخرون لأنفسهم من أنواع العذاب...
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي 1270 هـ :
المراد الإشارة إلى أن لهم وراء التكذيب قبائح عظيمة كبيرة يضيق عن شرحها نطاق العبارة وقال بعضهم يحتمل أن يكون المعنى والله تعالى أعلم بما يضمرونه في أنفسهم من أدلة كونه أي القرآن حقاً فيكون المراد المبالغة في عتادهم وتكذيبهم على خلاف علمهم...
تفسير القرآن الكريم لابن عثيمين 1421 هـ :
{والله أعلم بما يوعون} أي بما يجمعون من أقوال، وأفعال، وضغائن، وعداوات، وأموال ضد الرسل عليهم الصلاة والسلام،...
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.