تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لَّسۡتَ عَلَيۡهِم بِمُصَيۡطِرٍ} (22)

ولم تبعث مسيطرًا عليهم ، مسلطًا موكلًا بأعمالهم ، فإذا قمت بما عليك ، فلا عليك بعد ذلك لوم ، كقوله تعالى : { وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ } .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{لَّسۡتَ عَلَيۡهِم بِمُصَيۡطِرٍ} (22)

وبعد هذا التوبيخ لأولئك المشركين الذين عموا وصموا عن الحق ، ولم ينتبهوا لآيات الله - تعالى - الدالة على قدرته ووحدانيته . . أمر الله - تعالى - نبيه صلى الله عليه وسلم أن يداوم على التذكير بدعوة الحق ، فقال : { فَذَكِّرْ إِنَّمَآ أَنتَ مُذَكِّرٌ . لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ } .

والفاء فى قوله { فذكر } للتفريع ، وترتيب ما بعدها على ما قبلها . والأمر مستعمل فى طلب الاستمرار والدوام فى دعوته الناس إلى الحق ، ومفعول : " فذكر " محذوف العلم به .

وجملة " إنما أنت مذكر " تعليل للأمر بالمواظبة على تبليغ الناس ما أمره بتبليغه .

والمصيطر : هو المتسلط ، المتجبر ، الذى يجبر الناس على الانقياد لما يأمرهم به .

وقد قرأ الجمهور هذا اللفظ بالصاد ، وقرأ ابن عامر بالسين .

أى : إذا كان الأمر كما بينا لك - أيها الرسول الكريم - من أحوال الناس يوم الغاشية ، ومن أننا نحن الذين أوجدنا هذا الكون بقدرتنا . . فداوم - أيها الرسولب الكريم - على دعوة الناس إلى الدين الحق ، فهذه وظيفتك التى لا وظيفة لك سواها ، وكِلْ أمرهم بعد ذلك إلينا ، فأنت لست بمجبر لهم أو مكره إياهم على اتباعك ، وإنما أنت عليك البلاغ ونحن علينا الحساب .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لَّسۡتَ عَلَيۡهِم بِمُصَيۡطِرٍ} (22)

ثم نفى أن يكون مصيطراً على الناس ، أي قاهراً جاهداً مع تكبر تسلطاً عليهم ، يقال تسيطر علينا فلان ، وقرأ بعض الناس «بمسيطر » بالسين وبعضهم بالصاد ، وقد تقدم وقرأ هارون «بمصيطَر » بفتح الطاء وهي لغة تميم وليس في كلام العرب على هذا البناء غير مسيطر ومبيطر ومبيقر ومهيمن{[11783]} ، وفي الأسماء " المديبر ، ومجيمر " ، وهو اسم واد ، ويحتمل أن يكون هذان مصغرين{[11784]} .


[11783]:وهذه الأربعة أسماء فاعلين، من: سيطر، وبيطر، وبيقر، وهيمن.
[11784]:فهما في الأصل: مدبر ومجمر، وبعد التصغير كانا مديبر ومجيمر.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لَّسۡتَ عَلَيۡهِم بِمُصَيۡطِرٍ} (22)

وجملة { لست عليهم بمصيطر } بدل اشتمال من جملة القصر باعتبار جانب النفي الذي يفيده القصر .

والمصيطر : المُجْبِر المُكْرِه .

يقال : صيطر بصاد في أوله ، ويقال : سيطر بسين في أوله والأشهر بالصاد . وتقدم في سورة الطور ( 37 ) : { أم هم المصيطرون } وقرأ بها الجمهور وقرأ هشام عن ابن عامر بالسين وقرأه حمزة بإشمام الصاد صوت الزاي .

ونفي كونه مصيطراً عليهم خبر مستعمل في غير الإِخبار لأن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أنه لم يكلف بإكراههم على الإِيمان ، فالخبر بهذا النفي مستعمل كناية عن التطمين برفع التبعة عنه من جراء استمرار أكثرهم على الكفر ، فلا نسخ لحكم هذه الآية بآيات الأمر بقتالهم .

ثم جاء وجوب القتال بتسلسل حوادث كان المشركون هم البادئين فيها بالعدوان على المسلمين إذ أخرجوهم من ديارهم ، فشرع قتال المشركين لخضد شوكتهم وتأمين المسلمين من طغيانهم .

ومن الجهلة من يضع قوله : { لست عليهم بمصيطر } في غير موضعه ويحيد به عن مهيعه فيريد أن يتخذه حجة على حرية التدين بين جماعات المسلمين . وشتان بين أحوال أهل الشرك وأحوال جامعة المسلمين . فمن يلحد في الإسلام بعد الدخول فيه يستتاب ثلاثاً فإن لم يتب قتل ، وإن لم يُقدَر عليه فَعَلَى المسلمين أن ينبذوه من جامعتهم ويعاملوه معاملة المحارب . وكذلك من جاء بقول أو عمل يقتضي نبذ الإسلام أو إنكار ما هو من أصول الدين بالضرورة بعد أن يوقف على مآل قوله أو عمله فيلتزمه ولا يتأوله بتأويل مقبول ويأبى الانكفاف .

وتقديم { عليهم } على متعلقه وهو « مسيطر » للرعاية على الفاصلة .