ثم ختم - سبحانه - السورة الكريمة بقوله : { إِنَّ إِلَيْنَآ إِيَابَهُمْ . ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ
والإِياب مأخوذ من الأوب بمعنى الرجوع إلى المكان الذى كان فيه قبل ذلك . والمراد به هنا : الرجوع إلى الله - تعالى - يوم القيامة للحساب والجزاء .
أى : داوم - أيها الرسول الكريم - على تذكير الناس بدعوة الحق ، بدون إجبار لهم ، أو تسلط عليهم ، واتركهم بعد ذلك وشأنهم . . فإن إلينا وحدنا رجوعهم بعد الموت لا إلى أحد سوانا ، ثم إن علينا وحدنا - أيضا - حسابهم على أعمالهم ، ومجازاتهم عليها بالجزاء الذى نراه مناسبا لهم .
وصدر - سبحانه - الآيتين بحرف التأكيد " إن " وعطف الثانية على الأولى بحرف " ثم " المفيد للتراخى فى الرتبة ، وقدم خبر " إن " فى الجلمتين على اسمها . . لإِفادة التهديد والوعيد ، وتأكيد أن رجوعهم إليه - تعالى - أمر لا شك فيه وإن حسابهم يوم القيامة سيكون حسابا عسيرا ، لأنه صادر عمن لا تخفى عليه خافية فى الأرض ولا فى السماء .
وعطفت جملة : { إن علينا حسابهم } بحرف { ثم } لإفادة التراخي الرتبي فإن حسابهم هو الغرض من إيَابهم وهو أوقع في تهديدهم على التولي .
ومعنى ( على ) من قوله : { علينا حسابهم } أن حسابهم لتأكده في حكمة الله يشبه الحق الذي فرضه الله على نفسه .
وهذه الجملة هي المقصود من التعليل التي قبلها بمعنى التمهيد لها والإِدماج لإِثبات البعث . وفي ذلك إيذان بأن تأخير عقابهم إمهال فلا يحسبُوه انفلاتاً من العقاب .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله : "إنّ إلَيْنا إيابَهُمْ" يقول : إن إلينا رجوع من كفر ومعادهم.
"ثُمّ إنّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ" يقول : ثم إن على الله حسابه ، وهو يجازيه بما سلف منه من معصية ربه . يُعْلِمُ بذلك نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أنه المتولي عقوبته دونه ، وهو المجازي والمعاقِب ، وأنه الذي إليه التذكير وتبليغ الرسالة ..
النكت و العيون للماوردي 450 هـ :
فيكون ذلك جامعاً بين الوعد والوعيد ثواباً على الطاعات وعقاباً على المعاصي . ...
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
وأن حسابهم ليس بواجب إلا عليه ، وهو الذي يحاسب على النقير والقطمير . ومعنى الوجوب : الوجوب في الحكمة . ...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
ولما كان الحساب متأخراً عن ذلك كله ، وعظيماً كماً وكيفاً ، عظمه بأداة التراخي فقال : { ثم إن } أكده لإنكارهم ، وأتى بأداة دالة على أنه كالواجب في أنه لا بد منه فقال : { علينا } أي خاصة بما لنا من القدرة والتنزه عن نقص العبث والجور وكل نقص ، لا على غيرنا ، لأن غيرنا لا قدرة له فقد تقدمنا فيه بالوعود الصادقة ، وأكدناها غاية التأكيد ... وذلك يكون في الغاشية يوم ينقسم الناس قسمين : في دار هوان ، ودار أمان ، فقد التف آخرها بأولها ، وتعانق مفصلها بموصلها ...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 25]
وهم راجعون إلى الله وحده قطعا ، وهو مجازيهم وحده حتما . وهذا هو الإيقاع الختامي في السورة في صيغة الجزم والتوكيد .
( إن إلينا إيابهم . ثم إن علينا حسابهم ) . .
بهذا يتحدد دور الرسول في هذه الدعوة . ودور كل داعية إليها بعده . . إنما أنت مذكر وحسابهم بعد ذلك على الله . ولا مفر لهم من العودة إليه ، ولا محيد لهم من حسابه وجزائه . غير أنه ينبغي أن يفهم أن من التذكير إزالة العقبات من وجه الدعوة لتبلغ إلى الناس وليتم التذكير . فهذه وظيفة الجهاد كما تفهم من القرآن ومن سيرة الرسول سواء ، بلا تقصير فيها ولا اعتداء . .
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
وعطفت جملة : { إن علينا حسابهم } بحرف { ثم } لإفادة التراخي الرتبي فإن حسابهم هو الغرض من إيَابهم وهو أوقع في تهديدهم على التولي . ومعنى ( على ) من قوله : { علينا حسابهم } أن حسابهم لتأكده في حكمة الله يشبه الحق الذي فرضه الله على نفسه . وهذه الجملة هي المقصود من التعليل التي قبلها بمعنى التمهيد لها والإِدماج لإِثبات البعث . وفي ذلك إيذان بأن تأخير عقابهم إمهال فلا يحسبُوه انفلاتاً من العقاب . ...
تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :
فنحن الذين نحاسب الخلق على كثرتهم ، كما نرزقهم على كثرتهم ، وليس لأحدٍ أن يحاسب أحداً على أيّ شيءٍ من أعماله ، فليدرسوا مسألة الحساب من خلال مسألة المصير ، قبل أن تفوتهم الفرصة التي لا مجال للعودة إليها . ...
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.