وقوله - تعالى - : { إِنَّ إلى رَبِّكَ الرجعى } تهديد ووعيد لهذا الطاغى ، والرُّجْعَى : مصدر بمعنى الرجوع . تقول : رجع إليه رجوعا ومرجعا ورجعى بمعنى واحد .
والمعنى : لا تحزن - أيها الرسول الكريم - مما تفوه به هذا الطاغى وأمثاله ، فإن إلى ربك وحده مرجعهم ، وسيشاهدون بأعينهم ما أعددناه لهم من عذاب مهين ، وسيعلمون حق العلم أن ما يتعاظمون به من مال ، لن يغنى عنهم من عذاب الله شيئا يوم القيامة .
وحين تبرز صورة الإنسان الطاغي الذي نسي نشأته وأبطره الغنى ، يجيء التعقيب بالتهديد الملفوف : ( إن إلى ربك الرجعى )فأين يذهب هذا الذي طغى واستغنى ?
وفي الوقت ذاته تبرز قاعدة أخرى من قواعد التصور الإيماني . قاعدة الرجعة إلى الله . الرجعة إليه في كل شيء وفي كل أمر ، وفي كل نية ، وفي كل حركة ، فليس هناك مرجع سواه . إليه يرجع الصالح والطالح . والطائع والعاصي . والمحق والمبطل . والخير والشرير . والغني والفقير . . وإليه يرجع هذا الذي يطغى أن رآه استغنى . ألا إلى الله تصير الأمور . . ومنه النشأة وإليه المصير . .
وهكذا تجتمع في المقطعين أطراف التصور الإيماني . . الخلق والنشأة . والتكريم والتعليم . . ثم . . الرجعة والمآب لله وحده بلا شريك : ( إن إلى ربك الرجعى ) . .
ثم تَهدده وتوعده ووعظه فقال : { إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى } أي : إلى الله المصير والمرجع ، وسيحاسبك على مالك : من أين جمعته ؟ وفيم صرفته ؟
قال ابن أبي حاتم : حدثنا زيد بن إسماعيل الصائغ ، حدثنا جعفر بن عون ، حدثنا أبو عُمَيس ، عن عون قال : قال عبد الله : مَنهومان لا يشبعان : صاحب العلم وصاحب الدنيا ، ولا يستويان ، فأما صاحب العلم فيزداد رضا الرحمن ، وأما صاحب الدنيا فيتمادى في الطغيان . قال : ثم قرأ عبد الله : { إِنَّ الإنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى } وقال للآخر : { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } [ فاطر : 28 ] .
وقد رُوي هذا مرفوعًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : " منهومان لا يشبعان : طالب علم ، وطالب دنيا " {[30246]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.