خير من أولئكم : من الكفار السابقين ، مثل قوم نوح ، وعاد وثمود ، وقوم لوط ، وآل فرعون .
براءة : صك مكتوب بالنجاة من العذب .
الزُّبر : الكتب السماوية ، واحدها زبور .
43- { أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُر } .
أي : تلك مصارع الكفار من أقوام نوح وهود وصالح ولوط ، وغرق فرعون وقومه في الماء ، فما يمنعكم أيها الكفار والمشركون من مثل هذا المصير ؟ وهل معكم وثيقة وكتاب منزل وبراءة من العذاب ، تمنحكم صكا موثقا بأنكم لا تعذبون ؟
والاستفهام إنكاري ، معناه التقرير والإثبات ، أي لستم أفضل من هؤلاء الكفار الهالكين ، وليست معكم براءة من العذاب .
{ أكفاركم خير من أولئك } أي أكفاركم يا أهل مكة أقوى وأشد وأقدر ! أو أقل كفرا وعنادا من أولئك الكفار الماضين ؛ ليكون ذلك سببا لأمنكم من حلول مثل عذابهم بكم ؟ ليس الأمر كذلك ! فلم لا تخافون أن يحل بكم مثل ما حل بهم من العذاب ! ؟ والخطاب لهم على ضرب من التجريد ؛ فكأنه جرد منهم كفار وأضيفوا إليهم مبالغة في كفرهم . { أم لكم براءة في الزبر } أي بل الكفاركم براءة فيما نزل من الكتب من العذاب على الكفر فلذلك لا تخافون ؟ ! ليس الأمر كذلك !
قوله تعالى : " أكفاركم خير من أولئكم " خاطب العرب . وقيل : أراد كفار أمة محمد صلى الله عليه وسلم . وقيل : استفهام ، وهو استفهام إنكار ومعناه النفي ، أي ليس كفاركم خيرا من كفار من تقدم من الأمم الذين أهلكوا بكفرهم . " أم لكم براءة في الزبر " أي في الكتب المنزلة على الأنبياء بالسلامة من العقوبة . وقال ابن عباس : أم لكم في اللوح المحفوظ براءة من العذاب .
ولما بلغت هذه المواعظ الانتهاء ، وعلت أقدامها على رتبة السها ، ولم يبن ذلك كفار قريش عن شرادهم ، ولا فتر من جحودهم وعنادهم ، كان لسان حالهم قائلاً : إنا لا نخاف شيئاً من هذا ، فكان الحال مقتضياً لأن يقال لهم إلزاماً بالحجة : { أكفاركم } الراسخون منكم في الكفر الثابتون عليه يا أيها المكذبون لهذا النبي الكريم الساترون لشموس دينه { خير } في الدنيا بالقوة والكثرة أو الدين عند الله أو عند الناس { من أولائكم } أي الكفار العظماء الجبابرة الأشداء الذين وعظناكم بهم في هذه السورة ليكون ذلك سبباً لافتراق حالهم منهم فيأمنوا العذاب مع جامع التكذيب وإن لم يكن لهم براءة من الله { أم لكم } أجمعين دونهم كفاركم وغير كفاركم { براءة } من العذاب من الله { في الزبر * } أي الكتب الآتية من عنده أأمنتم بها من العذاب مع أنهم خير منكم ، فالآية من الاحتباك : أثبت الخيرية أولاً دليلاً على حذفها ثانياً ، والبراءة ثانياً دليلاً على حذفها أولاً .
قوله : { أكفاركم خير من أولئكم } يخاطب الله المشركين المكذبين من العرب بقوله لهم على سبيل الإنكار والنفي : ليس كفاركم خيرا من الكافرين السابقين كقول نوح وعاد وثمود وقوم لوط وآل فرعون ، أولئك الذين أحللت بهم عقابي وانتقامي بسبب كفرهم وضلالهم واستكبارهم { أم لكم براءة في الزبر } أم لكم أيها المشركون براءة في كتب الله أن يصيبكم عقاب بكفركم وتكذيبكم فأمنتم بتلك البراءة .