السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{أَكُفَّارُكُمۡ خَيۡرٞ مِّنۡ أُوْلَـٰٓئِكُمۡ أَمۡ لَكُم بَرَآءَةٞ فِي ٱلزُّبُرِ} (43)

ثم خوّف كفار مكة فقال تعالى : { أكفاركم } أي : الراسخون منكم يا أهل مكة في الكفر الثابتون عليه ، يا أيها المكذبون ، لهذا النبيّ الكريم الساترون لشموس دينه { خير } في الدنيا بالقوة والكثرة ، أو في الدين عند الله أو عند الناس { من أولئكم } أي : المذكورين من قوم نوح إلى فرعون الذين وعظناكم بهم في هذه السورة ؟ وهذا استفهام بمعنى الإنكار أي ليسوا بأقوى منهم فمعناه نفي أي ليس كفاركم خيراً من كفار من تقدم من الأمم الذين أهلكوا بكفرهم .

تنبيه : قوله تعالى : { خير } مع أنّه لا خير فيهم إما أن يكون كقول حسان :

فشر كما لخير كما الفداء ***

أو هو بحسب زعمهم واعتقادهم ؛ أو المراد بالخير شدّة القوّة ؛ أو لأنّ كل ممكن فلا بدّ وأن يكون له صفات محمودة ، فالمراد تلك الصفات { أم لكم } أي : يا أهل مكة { براءة في الزبر } أي : أنزل إليكم من الكتب السماوية أنّ من كفر منكم فهو في أمان من عذاب الله تعالى والاستفهام هنا أيضاً بمعنى النفي أي ليس الأمر كذلك .