المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (87)

87- ما ظنكم بمن هو الجدير والمستحق بالعبادة لكونه خالقاً للعالمين ، إذا لاقيتموه وقد أشركتم معه في العبادة غيره ؟ .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (87)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَمَا ظَنّكُم بِرَبّ الْعَالَمِينَ * فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النّجُومِ * فَقَالَ إِنّي سَقِيمٌ * فَتَوَلّوْاْ عَنْهُ مُدْبِرِينَ * فَرَاغَ إِلَىَ آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلا تَأْكُلُونَ * مَا لَكُمْ لاَ تَنطِقُونَ } .

يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل إبراهيم لأبيه وقومه : فَما ظَنّكُمْ بِرَبّ العالَمِينَ ؟ يقول : فأيّ شيء تظنون أيها القوم أنه يصنع بكم إن لقيتموه وقد عبدتم غيره ، كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة فَمَا ظَنّكُمْ بِرَبّ العالَمِينَ يقول : إذا لقيتموه وقد عبدتم غيره .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (87)

وقوله تعالى : { فما ظنكم } توبيخ وتحذير وتوعد .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (87)

وفرع على استفهام الإِنكار استفهام آخر وهو قوله : { فما ظنكم برب العالمين } وهو استفهام أريد به الإِنكار والتوقيف على الخطأ ، وأريد بالظن الاعتقاد الخطأ .

وسمي ظناً لأنه غير مطابق للواقع ولم يسمه علماً لأن العلم لا يطلق إلا على الاعتقاد المطابق للواقع ولذلك عرفوه بأنه : « صفة توجِب تمييزاً لا يحتمل النقيض » ولا ينتفي احتمال النقيض إلا متى كان موافقاً للواقع . وكثر إطلاق الظن على التصديق المخطىء والجهل المركب كما في قوله تعالى : { إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون } في سورة [ الأنعام : 116 ] . وقوله : { إن الظن لا يغني من الحق شيئاً } [ يونس : 36 ] .

وقول النبي صلى الله عليه وسلم " إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث " .

والمعنى : أن اعتقادكم في جانب رب العالمين جهل منكَر .

وفعل الظن إذا عدّي بالباء أشعر غالباً بظن صادق قال تعالى : { وتظنون بالله الظنونا } [ الأحزاب : 10 ] وقال : { وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم } [ فصلت : 23 ] . ومنه إطلاق الظنين على المتهم فإن أصله : ظنين بِه ، فحذفت الباء ووصل الوصف ، وذلك أنه إذا عدي بالباء فالأكثر حذف مفعوله وكانت الباء للإِلصاق المجازي ، أي ظن ظناً ملصقاً بالله ، أي مدّعى تعلقه بالله وإنما يناسب ذلك ما ليس لائقاً بالله .

وتقدمت الإِشارة إليه عند قوله تعالى : { وتظنون بالله الظنونا } في سورة [ الأحزاب : 10 ] .

والمعنى : فما ظنكم السيّىء بالله ، ولما كان الظن من أفعال القلب فتعديته إلى اسم الذات دون إتباع الاسم بوصف متعينة لتقدير وصف مناسب . وقد حذف المتعلق هنا لقصد التوسع في تقدير المحذوف بكل احتمال مناسب تكثيراً للمعاني فيجوز أن تعتبر من ذاتتِ ربّ العالمين أوصافُه . ويجوز أن يعتبر منها الكنهُ والحقيقة ، فاعتبار الوصف على وجهين :

أحدهما : المعنى المشتق منه الرب وهو الربوبية وهي تبليغ الشيء إلى كماله تدريجاً ورفقاً فإن المخلوق محتاج إلى البقاء والإِمداد وذلك يوجب أن يَشكر المُمَدّ فلا يصد عن عبادة ربه ، فيكون التقدير : فما ظنكم أن له شركاء وهو المنفرد باستحقاق الشكر المُتَمثل في العبادة لأنه الذي أمدكم بإنعامه .

وثانيهما : أن يعتبر فيه معنى المالكية وهي أحد معنيي الربّ وهو مستلزم لمعنى القهر والقدرة على المملوك ، فيكون التقدير : فما ظنكم ماذا يفعل بكم من عقاب على كفرانه وهو مالِككم ومالك العالمين .

وأما جواز اعتبار حقيقة رب العالمين وكنهه . فالتقدير فيه : فما ظنكم بكنهِ الربوبية فإنكم جاهلون الصفات التي تقتضيها وفي مقدمتها الوحدانية .