القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَيَعْلَمَنّ اللّهُ الّذِينَ آمَنُواْ وَلَيَعْلَمَنّ الْمُنَافِقِينَ } .
يقول تعالى ذكره : وليعلمنّ الله أولياء الله ، وحزبه أهل الإيمان بالله منكم أيها القوم ، وليعلمنّ المنافقين منكم حتى يميزوا كلّ فريق منكم من الفريق الاَخر ، بإظهار الله ذلك منكم بالمحن والابتلاء والاختبار وبمسارعة المسارع منكم إلى الهجرة من دار الشرك إلى دار الإسلام ، وتثاقل المتثاقل منكم عنها .
خص بالذكر فريقان هما ممن شمله عموم قوله { العالمين } [ العنكبوت : 10 ] اهتماماً بهاذين الفريقين وحاليهما : فريق الذين آمنوا ، وفريق المنافقين لأن العلم بما في صدور الفريقين من إيمان ونفاق يترتب عليه الجزاء المناسب لحاليهما في العاجل والآجل ، فذلك ترغيب وترهيب .
ووجه تأكيد كلا الفعلين بلام القسم ونون التوكيد أن المقصود من هذا الخبر رد اعتقاد المنافقين أن الله لا يطلع رسوله على ما في نفوسهم ، فالمقصود من الخبرين هو ثانيهما أعني قوله { وليعلمن المنافقين } .
وأما قوله { وليعلمن الله الذين ءامنوا } فهو تمهيد لما بعده وتنصيص على عدم التباس الإيمان المكذوب بالإيمان الحق .
وفي هذا أيضاً إرادة المعنى الكنائي من العلم وهو مجازاة كل فريق على حسب ما علم الله من حاله .
وجيء في جانب هاذين بالفعل المضارع المستقبل إذ نون التوكيد لا يؤكد بها الخبر المثبت إلا وهو مستقبل ؛ إما لأن العلم مكنى به عن لازمه وهو مقابلة كل فريق بما يستحقه بحسب ما علم من حاله والمجازاة أمر مستقبل ، وإما لأن المراد علم بمستقبل وهو اختلاف أحوالهم يوم يجيء النصر ، فلعل من كانوا منافقين وقت نزول الآية يكونون مؤمنين يوم النصر ويبقى قوم على نفاقهم .
والمخالفة بين المؤمنين والمنافقين في التعبير عن الأولين بطريق الموصول والصلة الماضوية وعن الآخرين بطريق اللام واسم الفاعل لما يؤذن به الموصول من اشتهارهم بالإيمان وما يؤذن به الفعل الماضي من تمكن الإيمان منهم وسابقيته ، وما يؤذن به التعريف باللام من كونهم عُهِدوا بالنفاق وطريانه عليهم بعد أن كانوا مؤمنين ، ففيه تعريف بسوء عاقبتهم مع ما في ذلك من التفنن ورعاية الفاصلة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.