القول في تأويل قوله تعالى : { ذَلِكَ بِأَنّهُمْ شَآقّواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِقِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } . .
يعني تعالى ذكره بقوله : ذلكَ بأنّهُمْ هذا الفعل من ضرب هؤلاء الكفرة فوق الأعناق ، وضرب كلّ بنان منهم ، جزاء لهم بشقاقهم الله ورسوله ، وعقاب لهم عليه ، ومعنى قوله : شاقّوا الله وَرَسُولَهُ فارقوا أمر الله ورسوله وعصوهما ، وأطاعوا أمر الشيطان . ومعنى قوله : وَمَنْ يُشاقِقِ اللّهَ وَرَسُولَهُ ومن يخالف أمر الله وأمر رسوله ، وفارق طاعتهما . فإنّ اللّهَ شَدِيدُ العِقابِ له ، وشدة عقابه له في الدنيا : إحلاله به ما كان يحلّ بأعدائه من النقم ، وفي الاَخرة الخلود في نار جهنم . وحذف «له » من الكلام لدلالة الكلام عليها .
{ ذلك } إشارة إلى الضرب أو الأمر به والخطاب للرسول ، أو لكل أحد من المخاطبين قبل . { بأنهم شاقّوا الله ورسوله } بسبب مشاقتهم لهما واشتقاقه من الشق لأن كلا من المتعادين في شق خلاف شق الآخر كالمعاداة من العدوة والمخاصمة من الخصم وهو الجانب . { ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب } تقرير للتعليل أو وعيد بما أعد لهم في الآخرة بعد ما حاق بهم في الدنيا .
هذا الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، والمؤمنون داخلون فيه بالمعنى والضمير في { بأنهم } عائد على الذين كفروا ، و { شاقوا } معناه خالفوا ونابذوا وقطعوا ، وهو مأخوذ من الشق وهو القطع والفصل بين شيئين ، وهذه مفاعلة فكأن الله لما شرع شرعاً وأمر بأوامر وكذبوا هم وصدوا تباعد ما بينهم وانفصل وانشق ، مأخوذ من هذا لأنه مع شقه الآخر تباعدا وانفصلا وعبر المفسرون عن قوله { شاقوا } أي صاروا في شق غير شقه .
قال القاضي أبو محمد : وهذا وإن كان معناه صحيحاً فتحرير الاشتقاق إنما هو ما ذكرناه ، والمثال الأول إنما هو الشَّق بفتح الشين ، وأجمعوا على الإظهار في { يشاقق } إتباعاً لخط المصحف ، وقوله { فإن الله شديد العقاب } جواب الشرط تضمن وعيداً وتهديداً
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.