المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أَلَمۡ نَجۡعَلِ ٱلۡأَرۡضَ كِفَاتًا} (25)

25 - ألم نجعل الأرض ضامَّة على ظهرها أحياء لا يعدون ، وفي بطنها أمواتٌ لا يحصرون ، وجعلنا فيها جبالاً ثوابت عاليات ، وأسقيناكم ماء عذباً سائغاً ؟ هلاك يومئذٍ للمكذبين بهذه النعمة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَلَمۡ نَجۡعَلِ ٱلۡأَرۡضَ كِفَاتًا} (25)

ثم انتقل - سبحانه - إلى الاستدلال على إمكانية البعث بطريق ثالث فقال : { أَلَمْ نَجْعَلِ الأرض كِفَاتاً . أَحْيَآءً وَأَمْواتاً . وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ } .

والكِفات : اسم للمكان الذى يكفت فيه الشئ . أى ؛ يجمع ويضم ويوضع فيه .

يقال : كفت فلان الشئ يكفِتُه كَفْتاً ، من باب ضرب - إذا جمعه ووضعه بداخل شئ معين ، ومنه سمى الوعاء كفاتا ، لأن الشئ يوضع بداخله ، وهو منصوب على أنه مفعول ثان لقوله { نجعل } لأن الجعل هنا بمعنى التصيير . وقوله : { أَحْيَآءً وَأَمْواتاً } منصوبان على أنهما مفعولان به ، لقوله { كِفَاتاً } أو مفعولان لفعل محذوف .

أى : لقد جعلنا الأرض وعاء ومكانا تجتمع فيه الخلائق : الأحياء منهم يعيشون فوقها ، والأموات منهم يدفنون فى باطنها ، { وَجَعَلْنَا فِيهَا } - أيضا - جبالا { رَوَاسِيَ } أى ثوابت { شَامِخَاتٍ } أى : مرتفعات ارتفاعا كبيرا ، جمع شامخ وهو الشديد الارتفاع .

قال صاحب الكشاف : الكفات : من كفت الشئ إذا ضمه وجمعه . . وبه انتصب { أَحْيَآءً وَأَمْواتاً } كأنه قيل : كافتة أحياء وأمواتا ، أو انتصبا بفعل مضمر يدل عليه ، وهو تكفت .

والمعنى : تكفت أحياء على ظهرها ، وأمواتا فى بطنها .

فإن قلت : لم قيل أحياء وأمواتا على التنكير ، وهى كفات الأحياء والأموات جميعا ؟ قلت : هو من تنكير التفخيم ، كأنه قيل : تكفت أحياء لا يعدون ، وأمواتاً لا يحصرون . .

وقوله - سبحانه - { وَأَسْقَيْنَاكُم مَّآءً فُرَاتاً } بيان لنعمة أخرى من أجل نعمه على خلقه ، أى : وأسقيناكم - بفضلنا ورحمتنا - ماء { فُرَاتاً } أى : عذبا سائغا للشاربين .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَلَمۡ نَجۡعَلِ ٱلۡأَرۡضَ كِفَاتًا} (25)

ألم نجعل الأرض كفاتا كافتة اسم لما يكفت أي يضم ويجمع كالضمام والجماع اسم لما يضم ويجمع أو مصدر نعت به أو جمع كافت كصائم وصيام أو كفت وهو الوعاء أجري على الأرض باعتبار أقطارها .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَلَمۡ نَجۡعَلِ ٱلۡأَرۡضَ كِفَاتًا} (25)

جاء هذا التقرير على سنن سابقيه في عدم العطف لأنه على طريقة التكرير للتوبيخ ، وهو تقرير لهم بما أنعم الله به عليهم من خلق الأرض لهم بما فيها مما فيه منافعهم كما قال تعالى : { مَتاعاً لكم ولأنعامكم } [ النازعات : 33 ] .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{أَلَمۡ نَجۡعَلِ ٱلۡأَرۡضَ كِفَاتًا} (25)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

أليس قد جعل لكم الأرض كفاتا لكم، تدفنون فيها أمواتكم وتبثون عليها أحياءكم، وتسكنون عليها، فقد كفت الموتى والأحياء.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره منبها عباده على نعمه عليهم:"أَلمْ نَجْعَلِ "أيها الناس "الأرْضَ" لكم "كِفاتا" يقول: وعاء تقول: هذا كفت هذا وكفيته، إذا كان وعاءه.

وإنما معنى الكلام: ألم نجعل الأرض كِفاتَ أحيائكم وأمواتكم، تَكْفِت أحياءكم في المساكن والمنازل، فتضمهم فيها وتجمعهم، وأمواتَكم في بطونها في القبور، فيُدفَنون فيها.

وجائز أن يكون عُني بقوله: "كِفاتا أحْياء وأمْوَاتا" تكفت أذاهم في حال حياتهم، وجيفهم بعد مماتهم.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

وقوله:"ألم نجعل الأرض كفاتا"... والكفات: الضمام.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

الكفات: من كفت الشيء إذا ضمه وجمعه...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

اعلم أن هذا هو النوع الرابع من تخويف الكفار، وذلك لأنه ذكرهم بالنعم التي له عليهم في الأنفس، وفي هذه الآية ذكرهم بالنعم التي له عليهم في الآفاق.

ثم قال في آخر الآية: {ويل يومئذ للمكذبين} والسبب فيه ما قدمنا أن النعم كلما كانت أكثر كانت الجناية أقبح؛ فكان استحقاق الذم عاجلا والعقاب آجلا أشد، وإنما قدم تلك الآية على هذه الآية، لأن النعم التي في الأنفس كالأصل للنعم التي في الآفاق، فإنه لولا الحياة والسمع والبصر والأعضاء السليمة لما كان الانتفاع بشيء من المخلوق ممكنا.

واعلم أنه تعالى ذكر هاهنا ثلاثة أشياء أولها الأرض، وإنما قدمها لأن أقرب الأشياء إلينا من الأمور الخارجية هو الأرض.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

«كفات»: على وزن كتاب و (كفت) على وزن كشف هو جمع وضم الشيء للآخر، ويقال أيضاً لسرعة طيران الطيور «كفات» لجمعه لأجنحته حال الطيران السريع حتى يتمكن من شق الهواء والتقدم أسرع.

والمراد هو أنّ الأرض مقر لجميع البشر: إذ تجمع الأحياء على ظهرها وتهيء لهم جميع ما يحتاجونه، وتضم أمواتهم في بطنها، فلو أنّ الأرض لم تكن مهيأة لدفن الأموات لسببت العفونة والأمراض الناتجة منها فاجعة لجميع الأحياء.

نعم، إنّ الأرض هي كالأُم التي تجمع أولادها حولها وتضمهم تحت أجنحتها، وتغذيهم، وتلبسهم، وتسكنهم، وتقضي جميع حوائجهم، وتحفظ أمواتهم في قلبها أيضاً، وتمتصهم وتزيل مساوئ آثارهم.