وكما افتتح - سبحانه - هذه الصفات الكريمة بمدح الذين هم على صلاتهم دائمون ، فقد ختمها بمدح الذين يحافظون عليها فقال : { والذين هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ } أى : يؤدونها كاملة غير منقوصة . لافى خشوعها ، ولا فى القراءة فيها ، ولا فى شئ من أركانها وسننها .
وهذا الافتتاح والختام ، يدل على شرفها وعلو قدرها ، واهتمام الشارع بشأنها .
قال صاحب الكشاف : فإن قلت : كيف قال : { على صَلاَتِهِمْ دَآئِمُونَ } ثم { على صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ } ؟ قلت : معنى دوامهم عليها ، أن يواظبوا على أدائها ، لا يخلون بها ، ولا يشتغلون عنها بشئ من الشواغل .
ومحافظتهم عليها : أن يراعوا إسباغ الوضوء لها ، ومواقيتها ، وسننها ، وآدابها . . فالدوام يرجع إلى نفس الصلاة ، والمحافظة تعود إلى أحوالها .
فأنت ترى أن الله - تعالى - قد وصف هؤلاء المؤمنين الصادقين ، الذين حماهم - سبحانه - من صلة الهلع . . وصفهم بثمانى صفات كريمة ، منها : المداومة على الصلاة ، والمحافظة على الإِنفاق فى وجوه الخير ، والتصديق بيوم القيامة وما فيه من ثواب وعقاب ، والحفظ لفروجهم ، وأداء الأمانات والشهادات .
ثم قال : { وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ } {[29332]} أي : على مواقيتها وأركانها وواجباتها ومستحباتها ، فافتتح الكلام بذكر الصلاة واختتمه بذكرها ، فدل على الاعتناء بها والتنويه بشرفها ، كما تقدم في أول سورة : { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ } ؛ سواء لهذا قال هناك : { أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [ المؤمنون : 10 ، 11 ] وقال هاهنا : { أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ }
يقول تعالى ذكره : وإلا الذين هم لأمانات الله التي ائتمنهم عليها من فرائضه وأمانات عباده التي ائتُمِنُوا عليها ، وعهوده التي أخذها عليهم بطاعته فيما أمرهم به ونهاهم وعهود عباده التي أعطاهم على ما عقده لهم على نفسه راعون ، يرقبون ذلك ، ويحفظونه فلا يضيعونه ، ولكنهم يؤدّونها ويتعاهدونها على ما ألزمهم الله وأوجب عليهم حفظها وَالّذِينَ هُمْ بشَهادَاتِهِمْ قائمُونَ يقول : والذين لا يكتمون ما استشهدوا عليه ، ولكنهم يقومون بأدائها ، حيث يلزمهم أداؤها غير مغيرة ولا مبدّلة وَالّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ يقول : والذين هم على مواقيت صلاتهم التي فرضها الله عليهم وحدودها التي أوجبها عليهم يحافظون ، ولا يضيعون لها ميقاتا ولا حدّا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.