نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَٱلَّذِينَ هُمۡ عَلَىٰ صَلَاتِهِمۡ يُحَافِظُونَ} (34)

ولما كانت أضداد هذه المذكورات نقائص مهلكات ، وكانت الأنفس - لما لها من النقص - نزاعة إلى النقائص ميالة إلى الدسائس ، ذكر سبحانه بالدواء المبرىء من كل داء ، فقال مشيراً إلى حفظ أحوال الصلاة{[68434]} وأوصافها بعد ذكر{[68435]} الحفظ لذواتها وأعيانها تنبيهاً على شدة الاهتمام بها : { والذين هم } ولما وسط الضمير إشارة إلى الإقبال بجميع القلب قدم الصلة كما فعل بما{[68436]} قيل تأكيداً وإبلاغاً في المراد إلى أقصى ما يمكن كما لا يخفى على ذي ذوق فقال : { على صلاتهم } من الفرض والنفل { يحافظون * } أي يبالغون في حفظها ويجددونه حتى كأنهم يبادرونها الحفظ ويسابقونها فيه فيحفظونها لتحفظهم{[68437]} أو يسابقون غيرهم في حفظها لأوقاتها وشروطها وأركانها ومتمماتها في ظواهرها وبواطنها من الخضوع{[68438]} والمراقبة ، وغير ذلك من خلال الإحسان التي إذا فعلوها كانت ولا بد ناهية لفاعلها " أن الصلاة " الكاملة " تنهى عن الفحشاء والمنكر " فتحمل على جميع هذه الأوامر وتبعد عن أضدادها{[68439]} ، ولكون السياق هذا للتخلي عن الأوصاف الجارة إلى الكفر وحد الصلاة إشارة إلى أنه يكفي {[68440]}في ذلك{[68441]} الفرائض وإن كان الجنس يشمل ، وفي المؤمنون السياق لأهل الرسوخ في المحاسن ، فلذلك جمع بين النوعين : الإفراد في الأول لينصب بادىء بدىء إلى الفرائض ، والجمع في بعض القراءات ليفهم مع ذلك النوافل بأنواعها ، وفي فتح الأوصاف بالصلاة وختمها بها من بيان جلالتها وعظمتها أمر باهر .


[68434]:- زيد في الأصل: وأحوالها، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[68435]:- زيد من ظ وم.
[68436]:- من ظ وم، وفي الأصل: كما.
[68437]:- من ظ وم، وفي الأصل: لحفظهم.
[68438]:-في م: الخشوع.
[68439]:- زيد من ظ وم.
[68440]:- من ظ وم، وفي الأصل: ذلك في.
[68441]:- زيد من ظ وم.