فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَٱلَّذِينَ هُمۡ عَلَىٰ صَلَاتِهِمۡ يُحَافِظُونَ} (34)

{ والذين هم لأمانتهم وعهدهم راعون ( 32 ) والذين هم بشهاداتهم قائمون ( 33 ) والذين هم على صلاتهم يحافظون ( 34 ) أولئك في جنات مكرمون ( 35 ) }

{ لأماناتهم } جمع أمانة ، ولله تعالى عندنا أمانات استحفظنا عليها ؛ وأقدس الأمانات صيانة دينه وشرعه ؛ وللعباد أمانات تجب رعايتها ، وأشد ذلك الحديث ، والكيل ، والوزن ، والودائع ؛ والمؤمنون إذا ائتمنوا لم يخونوا ، وإذا عاهدوا لم يغدروا ، فالأمانات والعهود تجمع كل ما يحمله الإنسان من أمر دينه ودنياه قولا وفعلا ، وهذا يعم معاشرة الناس والمواعيد وغير ذلك ، ورعاية ذلك : حفظه والقيام به .

والقيام بالشهادة : المحافظة عليها ، لا يزاد فيها ، ولا ينقص منها { . . ومن يكتمها فإنه آثم قلبه . . }{[7726]} يقومون بها على من كانت عليه من قريب أو بعيد ابتغاء رضوان الله ورعاية لحق عباده ؛ وبهذا أمرنا : { يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما . . . }{[7727]} .

والمحافظة على الصلاة : رعاية ما يصححها ويكملها ، فالدوام خلاف المحافظة ؛ فدوامهم عليها أن يتابعوا أداءها لا يخلون بها ولا يؤخرونها ولا يتشاغلون عنها ، ومحافظتهم عليها أن يراعوا شروطها ، ويقيموا أركانها ويكملوها بسننها وآدابها ، ويحفظونها من الإحباط باقتراب المآثم ؛ فالدوام يرجع إلى نفس الصلوات ، والمحافظة إلى أحوالها .

وجزاء هؤلاء الذين استقاموا على طريق الحق ، وذكروا من أول قوله تعالى : { إلا المصلين } آية 22 حتى الآية 34 { والذين هم على صلاتهم يحافظون } جزاؤهم جنات يكرمهم الله تعالى فيها بما شاء من كرامات .


[7726]:سورة البقرة. من الآية 283.
[7727]:- سورة النساء. من الآية 135.