ثم أخذ القرآن في تثبيت فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم وتسليته عما يفعله معه اليهود فقال تعالى :
{ وَلَقَدْ أَنْزَلْنَآ إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَآ . . . }
أي : لقد أنزلنا إليك يا محمد علامات واضحات دالة على معانيها وعلى كونها من عند الله ، وبينا لك فيها علوم اليهود ، ومكنونات سرائرهم وأخبارهم ، وما حرفه أوائلهم وأواخرهم من كتبهم ، وما بدلوه من أحكامهم قال تعالى : { إِنَّ هذا القرآن يَقُصُّ على بني إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الذي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } وإن هذه الآيات التي أنزلها الله إليك يا محمد ، ما يكفر بها ، ويجحد صدقها إلا المتمردون من الكفرة ، الخارجون على حدود الله المنتهكون لحرماته .
ثم يتجه بالخطاب إلى الرسول [ ص ] يثبته على ما أنزل عليه من الحق ، وما آتاه من الآيات البينات ، مقررا أنه لا يكفر بهذه الآيات إلا الفاسقون المنحرفون . ويندد ببني إسرائيل الذين لا يستقيمون على عهد . سواء عهودهم مع ربهم وأنبيائهم من قبل ، أو عهودهم مع رسول الله [ ص ] كما يندد بنبذهم لكتاب الله الأخير الذي جاء مصدقا لما معهم :
( ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون ، أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم ؟ بل أكثرهم لا يؤمنون . ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم ، كأنهم لا يعلمون . . . ) . .
لقد كشف القرآن هنا عن علة كفر بني إسرائيل بتلك الآيات البينات التي أنزلها الله . . إنه الفسوق وانحراف الفطرة . فالطبيعة المستقيمة لا يسعها إلا الإيمان بتلك الآيات . وهي تفرض نفسها فرضا على القلب المستقيم . فإذا كفر بها اليهود - أو غيرهم - فليس هذا لأنه لا مقنع فيها ولا حجة ، ولكن لأنهم هم فاسدو الفطرة فاسقون .
{ وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُون }( 99 )
وقوله تعالى : { ولقد أنزلنا إليك آيات بينات } ، ذكر الطبري أن ابن صوريا قال للنبي صلى الله عليه وسلم : يا محمد ما جئت بآية بينة ؟ فنزلت هذه الآية( {[1005]} ) . و { الفاسقون } هنا الخارجون عن الإيمان ، فهو فسق الكفر ، والتقدير : { ما يكفر بها } أحد { إلا الفاسقون } ، لأن الإيجاب لا يأتي إلا بعد تمام جملة النفي .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.