{ وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ } .
و " من " الأولى مزيدة لتأكيد إعراضهم وصممهم عن سماع الحق ، والثانية للتبعيض .
أى : ولقد بلغ الجحود والجهل والعناد عند هؤلاء المشركين ، أنهم ما تأتيهم آية من الآيات التى تدل على وحدانية الله - تعالى - وقدرته ، وعلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم صادق فى دعوته ، إلا كانوا عن كل ذلك معرضين إعراضا تاما ، شأنهم فى ذلك شأن الجاحدين من قبلهم .
وأضاف - سبحانه - إليه الآيات التى أتتهم ، لتفخيم شأنها ، وبيان أنها آيات عظيمة ، كان من شأنهم - لو كانوا يعقلون - أن يتدبروها ، ويتبعوا من جاء بها
ومع تلك الآيات الواضحات فالعباد في غفلة ، لا تتوجه أنظارهم ، ولا تستيقظ قلوبهم ؛ ولا يكفون عن سخريتهم وتكذيبهم ، واستعجالهم بالعذاب الذي ينذرهم به المرسلون :
( وإذا قيل لهم : اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم لعلكم ترحمون . وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين . وإذا قيل لهم : أنفقوا مما رزقكم الله ، قال الذين كفروا للذين آمنوا أنطعم من لو يشاء الله أطعمه ? إن أنتم إلا في ضلال مبين . ويقولون : متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ? ) . .
إن تلك الآيات بذاتها لا تثير في قلوبهم التطلع والتدبر والحساسية والتقوى . وهي بذاتها كافية أن تثير في القلب المفتوح هزة ورعشة وانتفاضة ؛ وأن تخلطه بهذا الوجود . هذا الكتاب المفتوح الذي تشير كل صفحة من صفحاته إلى عظمة الخالق ، ولطيف تدبيره وتقديره . ولكن هؤلاء المطموسين لا يرونها . وإذا رأوها لا يتدبرونها . والله - لعظيم رحمته - لا يتركهم مع هذا بلا رسول ينذرهم ويوجههم ويدعوهم إلى رب هذا الكون وبارى ء هذا الوجود . ويثير في قلوبهم الحساسية والخوف والتقوى ويحذرهم موجبات الغضب والعذاب ، وهي محيطة بهم ، من بين أيديهم ومن خلفهم ، إلا ينتبهوا لها يقعوا فيها في كل خطوة من خطواتهم . وتتوالى عليهم الآيات مضافة إلى الآيات الكونية التي تحيط بهم في حيثما يتجهون . ولكنهم مع هذا يظلون في عمايتهم سادرين :
( وإذا قيل لهم : اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم لعلكم ترحمون . وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين ) . .
وتقدير كلامه : أنهم لا يجيبون إلى ذلك ويعرضون عنه . واكتفى عن ذلك بقوله : { وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ } أي : على التوحيد وصدق الرسل { إِلا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ } أي : لا يتأملونها ولا ينتفعون{[24765]} بها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.