فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَمَا تَأۡتِيهِم مِّنۡ ءَايَةٖ مِّنۡ ءَايَٰتِ رَبِّهِمۡ إِلَّا كَانُواْ عَنۡهَا مُعۡرِضِينَ} (46)

{ وَمَا تَأْتِيهِم مّنْ ءايَةٍ مّنْ ءايات رَبّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ } { ما } هي النافية ، وصيغة المضارع للدلالة على التجدّد ، ومن الأولى مزيدة للتوكيد ، والثانية للتبعيض : والمعنى ما تأتيهم من آية دالة على نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم ، وعلى صحة ما دعا إليه من التوحيد في حال من الأحوال إلاّ كانوا عنها معرضين . وظاهره يشمل الآيات التنزيلية ، والآيات التكوينية ، وجملة { إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ } في محلّ نصب على الحال كما مرّ تقريره في غير موضع . والمراد بالإعراض عدم الالتفات إليها ، وترك النظر الصحيح فيها ، وهذه الآية متعلقة بقوله : { يا حسرة عَلَى العباد مَا يَأْتِيهِمْ مّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ } أي : إذا جاءتهم الرسل كذّبوا . وإذا أتوا بالآيات أعرضوا عنها .

/خ54