التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱلصُّبۡحِ إِذَا تَنَفَّسَ} (18)

وقوله : { والليل إِذَا عَسْعَسَ . والصبح إِذَا تَنَفَّسَ } معطوف على ما قبله . وداخل فى حيز القسم .

وقوله { عسعس } أدبر ظلامه أو أقبل ، فهذا اللفظ من الألفاظ التى تستعمل فى الشئ وضده ، إلا أن المناسب هنا يكون المراد به إقبال الظلام ، لمقابلته بالصبح إذا تنفس ، أى : أضاء وأسفر وتبلج .

وقيل : العسعسة : رقة الظلام وذلك فى طرفى النهار ، فهو من المشترك المعنوى ، وليس من الأضداد ، أى : أقبل وأدبر معاً . أى : وحق النجوم التى تغيب بالنهار ، وتجرى فى حال استتارها . . وحق الليل إذا أقبل بظلامه ، والصبح إذا أقبل بضيائه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱلصُّبۡحِ إِذَا تَنَفَّسَ} (18)

ومثله : ( والصبح إذا تنفس ) . . بل هو أظهر حيوية ، وأشد إيحاء . والصبح حي يتنفس . أنفاسه النور والحياة والحركة التي تدب في كل حي . وأكاد أجزم أن اللغة العربية بكل مأثوراتها التعبيرية لا تحتوي نظيرا لهذا التعبير عن الصبح . ورؤية الفجر تكاد تشعر القلب المتفتح أنه بالفعل يتنفس ! ثم يجيء هذا التعبير فيصور هذه الحقيقة التي يشعر بها القلب المتفتح .

وكل متذوق لجمال التعبير والتصوير يدرك أن قوله تعالى : ( فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس ، والليل إذا عسعس ، والصبح إذا تنفس ) . . ثروة شعورية وتعبيرية . فوق ما يشير إليه من حقائق كونية . ثروة جميلة بديعة رشيقة ؛ تضاف إلى رصيد البشرية من المشاعر ، وهي تستقبل هذه الظواهر الكونية بالحس الشاعر .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَٱلصُّبۡحِ إِذَا تَنَفَّسَ} (18)

وقوله : { وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ } قال الضحاك : إذا طلع . وقال قتادة : إذا أضاء وأقبل . وقال سعيد بن جبير : إذا نشأ . وهو المروي عن علي ، رضي الله عنه .

وقال ابن جرير : يعني : وَضَوءُ النهار إذا أقبل وَتَبَيَّن .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَٱلصُّبۡحِ إِذَا تَنَفَّسَ} (18)

وقوله : وَالصّبْحِ إذَا تَنَفّسَ يقول : وضوء النهار إذا أقبل وتبين . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن أشعث ، عن جعفر ، عن سعيد ، في قوله : والصّبْحِ إذَا تَنَفّسَ قال : إذا نشأ .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة والصّبْحِ إذَا تَنَفّسَ : إذا أضاء وأقبل .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱلصُّبۡحِ إِذَا تَنَفَّسَ} (18)

«وعسعس الليل » في اللغة : إذا كان غير مستحكم الإظلام ، وقال الحسن بن أبي الحسن : ذلك وقت إقباله وبه وقع القسم ، وقال زيد بن أسلم وابن عباس ومجاهد وقتادة : ذلك عند إدباره وبه وقع القسم ، ويرجع هذا قوله بعد : { والصبح إذا تنفس } ، فكأنهما حالان متصلتان ويشهد له قول علقمة بن قرط : [ الرجز ]

حتى إذا الصبح لها تنفّسا . . . وانجاب عنها ليلها وعسعسا{[11665]}

وقال المبرد أبو العباس : أقسم بإقباله وإدباره ، قال الخليل : يقال عسعس الليل وسعسع إذا أقبل وأدبر ، و «تنفس الصبح » : استطار واتسع ضوؤه ، وقال علوان بن قس : [ الطويل ]

وليل دجوجي تنفس فجره . . . لهم بعد أن خالوه لن يتنفسا{[11666]}


[11665]:البيتان للعجاج، وهما من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن، وهما في الطبري، والقرطبي والبحر المحيط، وابن كثير. والتنفس: استمداد النفس، وتنفس الصبح: تبلج وامتد حتى صار نهارا بينا، وانجاب : انكشف وذهب، وابن عطية يستشهد بالبيت على أن معنى (عسعس) هو: أدبر وقال ابن كثير في تفسيره: "وعندي أن المراد بقوله : (إذا عسعس): إذا أقبل، وإن كان يصح استعماله في الإدبار أيضا، لكن الإقبال ها هنا أنسب، كأنه أقسم بالليل وظلامه إذا أقبل وبالفجر وضيائه إذا أشرق، كما قال تعالى: (والليلي إذا يغشى، والنهار إذا تجلى) وقال تعالى: (والضحى والليل إذا سجى)، وهي وجهة نظر، واللغة تسمح بالرأيين ، والله أعلم.
[11666]:في بعض الروايات " (وليل رجوجي تنفس فجره)، وتنفس فجره: طلع، وقيل: أضاء، والمعنى واحد، وخالوه: حسبوه لطول الليل وشدة ظلامه. والدجى: سواد الليل مع غيم، يقال: دجا الليل فهو داج ودجي.

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱلصُّبۡحِ إِذَا تَنَفَّسَ} (18)

وعُطف عليه القسم بالصُبح حين تنفسه ، أي انشقاق ضوئه لمناسبة ذكر الليل ، ولأن تنفس الصبح من مظاهر بديع النظام الذي جعله الله في هذا العالم .

والتنفس : حقيقته خروج النَفس من الحيوان ، استعير لظهور الضياء مع بقايا الظلام على تشبيه خروج الضياء بخروج النَفَس على طريقة الاستعارة المصرحة ، أو لأنه إذا بدا الصباح أقبل معه نسيم فجُعل ذلك كالتنفس له على طريقة المكنية بتشبيه الصبح بذي نفس مع تشبيه النسيم بالأنفاس .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَٱلصُّبۡحِ إِذَا تَنَفَّسَ} (18)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

إذا أضاء لونه.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وضوء النهار إذا أقبل وتبين...

عن سعيد، في قوله:"والصّبْحِ إذَا تَنَفّسَ "قال: إذا نشأ...

عن قتادة "والصّبْحِ إذَا تَنَفّسَ": إذا أضاء وأقبل...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

إذا انفجر، وإذا ارتفع. وفي إقبال الليل وإقبال النهار تثبيت القدرة والسلطان؛ وذلك أن ظلمة الليل إذا غشيت سترت وجود الأشياء، ونور النهار كشف عنها الستر. ولو أراد أحد أن يغطي الأشياء كلها بالحيل والأسباب لم يتمكن من ذلك، ولو أراد نزع الغطاء عنها لم يملك. فذكرهم هذا ليعلموا أن من بلغت قدرته هذا، فلا يعجزه أمر، ولا يتعذر عليه البعث، بل هو قادر على إحيائهم وبعثهم...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

فإن قلت: ما معنى تنفس الصبح؟ قلت: إذا أقبل الصبح: أقبل بإقباله روح ونسيم، فجعل ذلك نفساً له على المجاز...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{والصبح} أي الذي هو أعدل أوقات النهار {إذا تنفس} أي أضاء وأقبل روحه ونسيمه، وأنسه ونعيمه، واتسع نوره، وانفرج به عن الليل ديجوره، وذلك بعد إقبال الليل ثم إدباره أي لا أقسم به لأنه وإن كان ذا نور ونعمة وحبور وبهجة وسرور فإن ذلك يتضاءل عن نور القرآن، وما فيه من النعيم والرضوان...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

والصبح حي يتنفس. أنفاسه النور والحياة والحركة التي تدب في كل حي. وأكاد أجزم أن اللغة العربية بكل مأثوراتها التعبيرية لا تحتوي نظيرا لهذا التعبير عن الصبح. ورؤية الفجر تكاد تشعر القلب المتفتح أنه بالفعل يتنفس! ثم يجيء هذا التعبير فيصور هذه الحقيقة التي يشعر بها القلب المتفتح. وكل متذوق لجمال التعبير والتصوير يدرك أن قوله تعالى: (فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس، والليل إذا عسعس، والصبح إذا تنفس).. ثروة شعورية وتعبيرية. فوق ما يشير إليه من حقائق كونية. ثروة جميلة بديعة رشيقة...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والتنفس: حقيقته خروج النَفس من الحيوان، استعير لظهور الضياء مع بقايا الظلام على تشبيه خروج الضياء بخروج النَفَس على طريقة الاستعارة المصرحة، أو لأنه إذا بدا الصباح أقبل معه نسيم، فجُعل ذلك كالتنفس له على طريقة المكنية بتشبيه الصبح بذي نفس مع تشبيه النسيم بالأنفاس.

الشعراوي- 1419 هـ:

وكأن ذلك رمز للرسالات التي كانت موجودة ثم ذهبت، ثم طمّ الظلام بعدها، فكان هذا الظلام يحتاج أن يخرج الله صبحاً.. صبح هداية، وصبح خير ببعث النبي صلى الله عليه وسلم بالإسلام، فكأن منهج النبي صلى الله عليه وسلم هو متنفس الصبح للبشرية.