فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَٱلصُّبۡحِ إِذَا تَنَفَّسَ} (18)

{ والصبح إِذَا تَنَفَّسَ } قال الفراء : أجمع المفسرون على أن معنى عسعس أدبر ، كذا حكاه عنه الجوهري ، وقال الحسن : أقبل بظلامه . قال الفراء : العرب تقول : عسعس الليل إذا أقبل ، وعسعس الليل إذا أدبر ، وهذا لا ينافي ما تقدّم عنه ، لأنه حكي عن المفسرين أنهم أجمعوا على حمل معناه في هذه الآية على أدبر ، وإن كان في الأصل مشتركاً بين الإقبال والإدبار . قال المبرد : هو من الأضداد . قال : والمعنيان يرجعان إلى شيء واحد ، وهو ابتداء الظلام في أوّله ، وإدباره في آخره . قال رؤبة بن العجاج :

يا هند ما أسرع ما تعسعسا *** من بعد ما كان فتى ترعرعا

وقال امرؤ القيس :

عسعس حتى لو نشاء إذ دنا *** كان لنا من ناره مقتبس

وقوله :

الماء على الربع القديم تعسعسا *** . . .

{ والصبح إِذَا تَنَفَّسَ } التنفس في الأصل : خروج النسيم من الجوف ، وتنفس الصبح إقباله لأنه يقبل بروح ونسيم ، فجعل ذلك تنفساً له مجازاً . قال الواحدي : تنفس : أي امتدّ ضوؤه حتى يصير نهاراً ، ومنه يقال للنهار إذا زاد تنفس ، وقيل : { إِذَا تَنَفَّسَ } إذا انشقّ وانفلق ، ومنه تنفست القوس : أي تصدّعت .

/خ29