المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{قَالُواْ يَٰنُوحُ قَدۡ جَٰدَلۡتَنَا فَأَكۡثَرۡتَ جِدَٰلَنَا فَأۡتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (32)

32- قالوا : يا نوح قد جادلتنا لنؤمن بك فأكثرت جدالنا ، حتى مَلِلْنا ، ولم نعد نتحمل منك كلاماً ، فأتنا بهذا العذاب الذي تهددنا به ، إن كنت صادقاً في أن الله يعذبنا إذا لم نؤمن بك .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالُواْ يَٰنُوحُ قَدۡ جَٰدَلۡتَنَا فَأَكۡثَرۡتَ جِدَٰلَنَا فَأۡتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (32)

وعندما وجدوا أنفسهم عاجزين عن الرد على نبيهم بأسلوب مقارعة الحجة بالحجة ، لجأوا - على عادة طبقتهم - إلى أسلوب التحدى وقد أخذتهم العزة بالإِثم فقالوا - كما حكى القرآن عنهم :

{ قَالُواْ يانوح قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا . . . }

أى : قال قوم نوح - عليه السلام - له بعد أن غلبهم بحجته ، وعجزوا عن الدفاع عن أنفسهم : { يانوح قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا . . . }

أى : خاصمتنا ونازعتنا فأكثرت فى ذلك حتى لم تترك لنا منفذا للرد عليك ، والجدال : هو المفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة . وأصله - كما يقول الآلوسى - من جدلت الحبل إذا أحكمت فتله ، ومنه الجديل - أى الحبل المفتول - وجدلت البناء : أحكمته ، والأجدال : الصقر المحكم البنية ، والمجدل - كمنبر القصر المحكم البناء . . .

وسميت المنازعة فى الرأى جدالا ، لأن كل واحد من المتجادلين كأنما ، يفتل الآخر عن رأيه - أى بصرفه عنه - . . .

وقيل : الأصل فى الجدال الصراع ، وإسقاط الإِنسان صاحبه على الجدالة - بفتح الجيم - أى : الأرض الصلبة .

ثم أضافوا إلى هذا العجز عن مجابهة الحجة سفاهة فى القول فقالوا : { فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ الصادقين } .

أى : لقد سئمنا مجادلتك لنا ومللناها ، فأتنا بالعذاب الذى تتوعدنا به ، إن كنت من الصادقين فى دعواك النبوة ، وفى وعيدك لنا بعقاب الله ، فإننا مصرون على عبادة آلهتنا ، وكارهون لما تدعونا إليه .

وهذا شأن الجاهل المعاند ، إنه بشهر السيف إذا أعجزته الحجة ، ويعلن التحدى إذا يئس عن مواجهة الحق . . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالُواْ يَٰنُوحُ قَدۡ جَٰدَلۡتَنَا فَأَكۡثَرۡتَ جِدَٰلَنَا فَأۡتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (32)

25

وعند هذا الحد كان الملأ من قوم نوح قد يئسوا من مناهضة الحجة بالحجة ؛ فإذا هم - على عادة طبقتهم - قد أخذتهم العزة بالإثم ، واستكبروا أن تغلبهم الحجة ، وأن يذعنوا للبرهان العقلي والفطري . وإذا هم يتركون الجدل إلى التحدي :

( قالوا : يا نوح قد جادلتنا ، فأكثرت جدالنا ، فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين )

إنه العجز يلبس ثوب القدرة ، والضعف يرتدي رداء القوة ؛ والخوف من غلبة الحق يأخذ شكل الاستهانة والتحدي :

( فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ) . .

وأنزل بنا العذاب الأليم الذي أنذرتنا به فلسنا نصدقك ، ولسنا نبالي وعيدك .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالُواْ يَٰنُوحُ قَدۡ جَٰدَلۡتَنَا فَأَكۡثَرۡتَ جِدَٰلَنَا فَأۡتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (32)

يقول تعالى مخبرًا عن استعجال قوم نوح نقمة الله وعذابه وسخطه ، والبلاء موكل بالمنطق : { قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا } أي : حاججتنا فأكثرت من ذلك ، ونحن لا نتبعك { فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا } أي : من النقمة والعذاب ، ادع علينا بما شئت ، فليأتنا ما تدعو به{[14577]} ، { إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ } أي : إنما الذي يعاقبكم ويعجلها لكم الله الذي لا يُعجِزُه شيء


[14577]:- في ت : "من تدعونه" ، وفي أ : "بدعوته".