إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{قَالُواْ يَٰنُوحُ قَدۡ جَٰدَلۡتَنَا فَأَكۡثَرۡتَ جِدَٰلَنَا فَأۡتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (32)

{ قَالُواْ يا نُوحٌ قَدْ جَادَلْتَنَا } خاصمتنا { فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا } أي أطَلْته أو أتيتَه بأنواعه فإن إكثارَ الجدالِ يتحقق بعد وقوعِ أصلِه فلذلك عُطف عليه بالفاء أو أردتَ ذلك فأكثرتَه كما في قوله تعالى : { فَإِذَا قَرَأْتَ القرآن فاستعذ بالله } [ النحل ، الآية 98 ] ولما حجّهم عليه الصلاة والسلام وأبرز لهم بيناتٍ واضحةَ المدلولِ وحُججاً تتلقاها العقولُ بالقَبول وألقمهم الحجرَ برد شُبهِهم الباطلةِ ضاقت عليهم الحيلُ وعيّت بهم العللُ وقالوا : { فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا } من العذاب المعجّلِ أو العذابِ الذي أشير إليه في قوله : { إني أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ } [ هود ، الآية 26 ] على تقدير أن لا يكون المرادُ باليوم يومَ القيامة { إِن كُنتَ مِنَ الصادقين } فيما تقول .