السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قَالُواْ يَٰنُوحُ قَدۡ جَٰدَلۡتَنَا فَأَكۡثَرۡتَ جِدَٰلَنَا فَأۡتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (32)

ولما أنّ الكفار أوردوا تلك الشبهة وأجاب نوح عليه السلام عنها بالجوابات الموافقة الصحيحة أوردوا عليه كلامين : الأوّل ما حكاه الله تعالى عنهم بقوله تعالى : { قالوا يا نوح قد جادلتنا } أي : خاصمتنا { فأكثرت جدالنا } أي : فأطنبت فيه ، وهذا يدل على أنه عليه السلام كان قد أكثر في الجدال معهم ، وذلك الجدال ما كان إلا في إثبات التوحيد والنبوّة والمعاد ، وهذا يدل على أنّ الجدال في تقرير الدلائل ، وإزالة الشبهات حرفة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، وعلى أنّ التقليد والجهل حرفة الكفار ، والثاني : ما ذكره الله تعالى عنهم بقوله : { فائتنا بما تعدنا } أي : من العذاب { إن كنت من الصادقين } في الدعوى والوعيد فإنّ مناظرتك لا تؤثر فينا .