التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُۥ} (12)

{ فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ } أى : فمن شاء أن يتعظ ويعتبر وينتفع بهذا التذكير فاز وربح ، ومن شاء غير ذلك خسر وضاع ، فالجملة الكريمة لتهديد الذين يعرضون عن الموعظة ، وليست للتخبير كما يتبادر من فعل المشيئة .

وهى معترضة للترغيب فى حفظ هذه الآيات ، وفى العمل بما اشتملت عليه من هدايات .

وجاء الضمير مذكرا فى قوله : { فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ } لأن التذكرة هنا بمعنى التذكير والاتعاظ .

أى : فمن شاء التذكير والاعتبار ، تذكر واعتبر وحفظ ذلك دون أن ينساه . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُۥ} (12)

1

ثم ترتفع نبرة العتاب حتى لتبلغ حد الردع والزجر : ( كلا ! ) . . لا يكن ذلك أبدا . . وهو خطاب يسترعي النظر في هذا المقام .

ثم يبين حقيقة هذه الدعوة وكرامتها وعظمتها ورفعتها ، واستغناءها عن كل أحد . وعن كل سند وعنايتها فقط بمن يريدها لذاتها ، كائنا ما كان وضعه ووزنه في موازين الدنيا : ( إنها تذكرة . فمن شاء ذكره . في صحف مكرمة . مرفوعة مطهرة . بأيدي سفرة . كرام بررة . ) . . فهي كريمة في كل اعتبار . كريمة في صحفها ، المرفوعة المطهرة الموكل بها السفراء من الملأ الأعلى ينقلونها إلى المختارين في الأرض ليبلغوها . وهم كذلك كرام بررة . . فهي كريمة طاهرة في كل ما يتعلق بها ، وما يمسها من قريب أو من بعيد . وهي عزيزة لا يتصدى بها للمعرضين الذين يظهرون الاستغناء عنها ؛ فهي فقط لمن يعرف كرامتها ويطلب التطهر بها . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُۥ} (12)

يقول تعالى ذكره : كَلاّ ما الأمر كما تفعل يا محمد ، من أن تعبِس في وجه من جاءك يسعى وهو يخشى ، وتتصدّى لمن استغنى إنّها تَذْكِرَةٌ يقول : إن هذه العظة وهذه السورة تذكرة يقول : عظة وعبرة فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ يقول : فمن شاء من عباد الله ذكره ، يقول : ذكر تنزيل الله ووحيه ، والهاء في قوله «إنّها » للسورة ، وفي قوله «ذَكَرَهُ » للتنزيل والوحي في صحف يقول إنها تذكرة فِي صُحُفٍ مُكَرّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهّرَةٍ يعني في اللوح المحفوظ ، وهو المرفوع المطهّر عند الله .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُۥ} (12)

فمن شاء ذكره حفظه أو اتعظ به والضميران للقرآن أو العتاب المذكور وتأنيث الأول لتأنيث خبره .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُۥ} (12)

وجملة : { فمن شاء ذكره } معترضة بين قوله : { تذكرة } وقوله : { في صحف } .

والفاء لتفريع مضمون الجملة على جملة { إنها تذكرة } فإن الجملة المعترضة تقترن بالفاء إذا كان معنى الفاء قائماً ، فالفاء من جملة الاعتراض ، أي هي تذكرة لك بالأصالة وينتفع بها من شاء أن يتذكر على حسب استعداده ، أي يتذكر بها كل مسلم كقوله تعالى : { وإنه لذكر لك ولقومك } [ الزخرف : 44 ] .

وفي قوله : { فمن شاء ذكره } تعريض بأن موعظة القرآن نافعة لكل أحد تجرد عن العناد والمكابرة ، فمن لم يتعظ بها فلأنه لم يشأ أن يتعظ . وهذا كقوله تعالى : { إنما أنت منذر من يخشاها } [ النازعات : 45 ] وقوله : { لمن شاء منكم أن يستقيم } [ التكوير : 28 ] وقوله : { وإنه لتذكرة للمتقين } [ الحاقة : 48 ] ونحوه كثير ، وقد تقدم قريب منه في قوله تعالى : { فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلاً } في سورة الإنسان ( 29 ) .

والتذكرة : اسم لما يُتذكر به الشيءُ إذا نُسي . قال الراغب : وهي أعم من الدلالة والأمارة قال تعالى : { فما لهم عن التذكرة معرضين } وتقدم نظيره في سورة المدثر ( 49 ) .

وكل من تذكرة } و { ذكره } هو من الذكر القلبي الذي مصدره بضم الدال في الغالب ، أي فمن شاء عمل به ولا ينسه .