اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُۥ} (12)

وقوله :{ فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ } ضمير المذكر ، والضميران عائدان إلى شيء واحد ، فكيف القول فيه ؟ .

الجواب : وفيه وجهان :

الأول : أن قوله : { إِنَّهَا } ضمير المؤنث ، قال مقاتل : يعني آيات القرآن ، وقال الكلبي : يعني هذه السورة وهو قول الأخفش والضمير في قوله : { فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ } عائد إلى التذكرة أيضاً ، لأن التذكرة في معنى الذكر والوعظ .

الثاني : قال صاحب النظم : إنها تذكرة يعني بها القرآن والقرآن مذكر إلا أنه لما جعل القرآن تذكرة أخرجه على لفظ التذكرة ، ولو ذكره لجاز كما قال في موضع آخر { كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ } والدليل على أن قوله : { إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ } المراد به القرآن قوله { فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ } .

فصل

كيف اتصال هذه الآية بما قبلها ؟ الجواب : من وجهين :

الأول : كأنه قيل : هذا التأديب الذي أوحيته إليك وعرفته لك في إجلال الفقراء وعدم الالتفات إلى أهل الدنيا أثبت في اللوح المحفوظ الذي قد وكل بحفظه أكابر الملائكة .

الثاني : كأنه قيل : هذا القرآن قد بلغ في العظمة إلى هذا الحد العظيم ، فأي حاجة به إلى أن يقبله هؤلاء الكفار ، فسواء قبلوه أو لم يقبلوه فلا تلتفت إليهم ولا تشغل قلبك بهم ، وإياك أن تعرض عمن آمن به تطييباً لقلوب أرباب الدنيا .

قوله : { ذَكَرَهُ } يجوز أن يكون الضمير لله تعالى ، لأن منزل التذكرة ، وأن يكون للتذكرة ، وذكر ضميرها ؛ لأنها بمعنى الذكر والوعظ .