التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَخَلَقۡنَٰكُمۡ أَزۡوَٰجٗا} (8)

وقوله - سبحانه - : { وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً } دليل ثالث على قدرته ، والأزواج : جمع زوج . وهو اسم للعدد الذى يكرر الواحد منه مرة واحدة ، والمراد به هنا : الذكور والإِناث .

أى : ومن مظاهر قدرتنا أننا خلقناكم - يا بنى آدم - مزدوجين ، أى : ذكرا وأنثى ، ليتأتى التناسل ، وحفظ النوع من الانقراض ، وتنظيم أمر المعاش فى الأرض ، عن طريق استمتاع كل نوع بالآخر ، كما قال - تعالى - : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لتسكنوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً . . . } قال الآلوسى : { أَزْوَاجاً } أى : مزدوجين ذكرا وأنثى ليتسنى التناسل .

وقيل أزواجا : أى : أصنافا فى اللون والصورة واللسان . وقيل : يجوز أن يكون المراد من الخلق أزواجا : الخلق من منيين : منى الرجل ومنى المرأة . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَخَلَقۡنَٰكُمۡ أَزۡوَٰجٗا} (8)

واللمسة الثانية في ذوات النفوس ، في نواحي وحقائق شتى :

( وخلقناكم أزواجا ) . .

وهي ظاهرة كذلك ملحوظة يدركها كل إنسان بيسر وبساطة . . فقد خلق الله الإنسان ذكرا وأنثى ، وجعل حياة هذا الجنس وامتداده قائمة على اختلاف الزوجين والتقائهما . وكل إنسان يدرك هذه الظاهرة ، ويحس ما وراءها من راحة ولذة ومتاع وتجدد بدون حاجة إلى علم غزير . ومن ثم يخاطب بها القرآن الإنسان في أية بيئة فيدركها ويتأثر بها حين يتوجه تأمله إليها ، ويحس ما فيها من قصد ومن تنسيق وتدبير .

ووراء هذا الشعور المبهم بقيمة هذه الحقيقة وعمقها ، تأملات أخرى حين يرتقي الإنسان في المعرفة وفي الشعور أيضا . . هنالك التأمل في القدرة المدبرة التي تجعل من نطفة ذكرا ، وتجعل من نطفة أنثى ، بدون مميز ظاهر في هذه النطفة أو تلك ، يجعل هذه تسلك طريقها لتكون ذكرا ، وهذه تسلك طريقها لتكون أنثى . اللهم إلا إرادة القدرة الخالقة وتدبيرها الخفي ، وتوجيهها اللطيف ، وإيداعها الخصائص التي تريدها هي لهذه النطفة وتلك ، لتخلق منهما زوجين تنمو بهما الحياة وترقى !