مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَخَلَقۡنَٰكُمۡ أَزۡوَٰجٗا} (8)

وثالثها قوله تعالى : { وخلقناكم أزواجا } وفيه قولان : ( الأول ) : المراد الذكر والأنثى كما قال : { وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى } ( والثاني ) : أن المراد منه كل زوجين و[ كل ] متقابلين من القبيح والحسن والطويل والقصير وجميع المتقابلات والأضداد ، كما قال : { ومن كل شيء خلقنا زوجين } وهذا دليل ظاهر على كمال القدرة ونهاية الحكمة حتى يصح الابتلاء والامتحان ، فيتعبد الفاضل بالشكر والمفضول بالصبر ويتعرف حقيقة كل شيء بضده ، فالإنسان إنما يعرف قدر الشباب عند الشيب ، وإنما يعرف قدر الأمن عند الخوف ، فيكون ذلك أبلغ في تعريف النعم .