تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{كَلَّآۖ إِذَا دُكَّتِ ٱلۡأَرۡضُ دَكّٗا دَكّٗا} (21)

دُكت الأرض دَكًّا دَكًّا : مهّدها وسوى العالي والنازل سواء .

ارتدِعوا عن تلك الأفعال ، فأمامَكم أهوالٌ عظيمة يوم القيامة حين تُزلزَل الأرضُ ولا يبقى على وجهها بناء قائم ، وتحطَّم معالمها . ( وهو أحد الانقلابات الكونية التي تقع يوم القيامة ) .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{كَلَّآۖ إِذَا دُكَّتِ ٱلۡأَرۡضُ دَكّٗا دَكّٗا} (21)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

كَلاّ : ما هكذا ينبغي أن يكون الأمر . ثم أخبر جلّ ثناؤه عن ندمهم على أفعالهم السيّئة في الدنيا ، وتلهّفهم على ما سلف منهم حين لا ينفعهم الندم ، فقال جلّ ثناؤه : "إذَا دُكّت الأرْضُ دَكّا دكّا" يعني : إذا رجت وزُلزلت زلزلة ، وحرّكت تحريكا بعد تحريك ...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{ كلا } حرف ردع وتنبيه ؛ فمنهم من رد هذا الردع إلى قوله تعالى : { ربي أكرمن } و { ربي أهانن } فكأنه يقول : كلا ، ليست هذه الدار دار جزاء ، فتكون الإهانة والإكرام بحق الجزاء ، وإنما هي دار محنة وابتلاء . ومنهم من حمله على الابتداء ، فقال : { كلا إذا دكت الأرض دكا دكا } ... يخبر عن مذمة من ترك الإكرام لليتيم ، وترك إطعام المسكين والحض عليه ، إذا دكت الأرض ، أي دقت ، وكسرت ، وذلك يوم الحساب والبعث . ...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

معناه التهديد والوعيد الشديد أي حقا إذا دكت الأرض ... فالدك: حط المرتفع بالبسط...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

ردع لهم عن ذلك وإنكار لفعلهم . ثم أتى بالوعيد وذكر تحسرهم على ما فرّطوا فيه حين لا تنفع الحسرة ؛ ويومئذ بدل من { إِذَا دُكَّتِ الأرض } ...

{دَكّاً دَكّاً } دكا بعد دك ... أي : كرّر عليها الدك حتى عادت هباء منبثا . ...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

ردا على أفعالهم هذه وتوطئة للوعيد، أي سترون أن أفعالكم ليست على قوام إذا دكت الأرض، ودكها تسويتها بذهاب جبالها ...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

أي لا ينبغي أن يكون الأمر هكذا في الحرص على الدنيا وقصر الهمة والجهاد على تحصيلها والاتكال عليها وترك المواساة منها وجمعها من حيث تتهيأ من حل أو حرام ، وتوهم أن لا حساب ولا جزاء . فإن من كان هذا حاله يندم حين لا تنفعه الندامة ويتمنى أن لو كان أفنى عمره في التقرب بالأعمال الصالحة والمواساة من المال إلى الله تعالى ، ثم بين أنه إذا جاء يوم موصوف بصفات ثلاثة، فإنه يحصل ذلك التمني وتلك الندامة ؛

الصفة الأولى : من صفات ذلك اليوم قوله : { إذا دكت الأرض دكا دكا } قال الخليل : الدك كسر الحائط والجبل.....واعلم أن التكرار في قوله : { دكا دكا } معناه دكا بعد دك ... واعلم أن هذا التدكدك لابد وأن يكون متأخرا عن الزلزلة ، فإذا زلزلت الأرض زلزلة بعد زلزلة وحركت تحريكا بعد تحريك انكسرت الجبال التي عليها وانهدمت التلال وامتلأت الأغوار وصارت ملساء ، وذلك عند انقضاض الدنيا، وقد قال تعالى : { يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة } وقال : { وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة } وقال : { إذا رجت الأرض رجا ، وبست الجبال بسا } . ...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وعند هذا الحد من فضح حقيقة حالهم المنكرة ، بعد تصوير خطأ تصورهم في الابتلاء بالمنع والعطاء ، يجيء التهديد الرعيب بيوم الجزاء وحقيقته ، بعد الابتلاء ونتيجته ، في إيقاع قوي شديد :

" كلا . إذا دكت الأرض دكا دكا . وجاء ربك والملك صفا صفا . وجيء يومئذ بجهنم . يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى ؟ يقول : يا ليتني قدمت لحياتي . فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ، ولا يوثق وثاقه أحد " . .

ودك الأرض ، وتحطيم معالمها وتسويتها ؛ وهو أحد الانقلابات الكونية التي تقع في يوم القيامة . فأما مجيء ربك والملائكة صفا صفا ، فهو أمر غيبي لا ندرك طبيعته ونحن في هذه الأرض . ولكنا نحس وراء التعبير بالجلال والهول . كذلك المجيء بجهنم . نأخذ منه قربها منهم وقرب المعذبين منها وكفى . فأما حقيقة ما يقع وكيفيته فهي من غيب الله المكنون ليومه المعلوم .

إنما يرتسم من وراء هذه الآيات ، ومن خلال موسيقاها الحادة التقسيم ، الشديدة الأسر ، مشهد ترجف له القلوب ، وتخشع له الأبصار . والأرض تدك دكا دكا !

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

{ إِذَا دُكَّتِ الأرض دَكّاً دَكّاً } . استئناف ابتدائي انْتُقل به من تهديدهم بعذاب الدنيا الذي في قوله : { ألم تر كيف فعل ربك بعاد } [ الفجر : 6 ] الآيات إلى الوعيد بعذاب الآخرة . فإن استخفوا بما حلّ بالأمم قبلهم أو أمهلوا فأخر عنهم العذاب في الدنيا فإن عذاباً لا محيص لهم عنه ينتظرهم يوم القيامة حين يتذكّرون قَسْراً فلا ينفعهم التذكر ، ويندمون ولات ساعةَ مندم . ...

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{كَلَّآۖ إِذَا دُكَّتِ ٱلۡأَرۡضُ دَكّٗا دَكّٗا} (21)

{ كلا } ما هكذا ينبغي أن يكون الأمر { إذا دكت الأرض دكا دكا } اذا زلزلت الأرض فكسر بعضها بعضا

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{كَلَّآۖ إِذَا دُكَّتِ ٱلۡأَرۡضُ دَكّٗا دَكّٗا} (21)

قوله تعالى : " كلا " أي ما هكذا ينبغي أن يكون الأمر . فهو رد لانكبابهم على الدنيا ، وجمعهم لها ، فإن من فعل ذلك يندم يوم تدك الأرض ، ولا ينفع الندم . والدك : الكسر والدق ، وقد تقدم{[16057]} . أي زلزلت الأرض ، وحركت تحريكا بعد تحريك . وقال الزجاج : أي زلزلت فدك بعضها بعضا . وقال المبرد : أي ألصقت وذهب ارتفاعها . يقال ناقة دكاء ، أي لا سنام لها ، والجمع دُكٌّ . وقد مضى في سورة " الأعراف " و " الحاقة " القول في هذا . ويقولون : دك الشيء أي هدم . قال :

هل غير غارٍ دَكَّ غاراً فانْهَدَمْ{[16058]}

" دكا دكا " أي مرة بعد مرة ، زلزلت فكسر بعضها بعضا ، فتكسر كل شيء على ظهرها . وقيل : دكت جبالها وأنشازها حتى استوت . وقيل : دكت أي استوت في الانفراش ، فذهب دورها وقصورها وجبالها وسائر أبنيتها . ومنه سمي الدكان ، لاستوائه في الانفراش . والدك : حط المرتفع من الأرض بالبسط ، وهو معنى قول ابن مسعود وابن عباس : تمد الأرض مد الأديم .


[16057]:راجع جـ 7 ص 278 و جـ 11 ص 63 و جـ 18 ص 264.
[16058]:الغار: الجمع الكثير من الناس.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{كَلَّآۖ إِذَا دُكَّتِ ٱلۡأَرۡضُ دَكّٗا دَكّٗا} (21)

{ دكت الأرض } أي : سويت جبالها .

{ دكا دكا } أي : دكا بعد دك كما تقول : تعلمت العلم بابا بابا .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{كَلَّآۖ إِذَا دُكَّتِ ٱلۡأَرۡضُ دَكّٗا دَكّٗا} (21)

ولما كان السياق هادياً إلى أن التقدير : يحسبون أن ذلك يوفر أموالهم ويحسن أحوالهم ويصلح بالهم ، زجر عنه بمجامع الزجر فقال : { كلا } أي ما هكذا ينبغي أن يكون الأمر ، ثم استأنف ذكر ما يوجب ندمهم وينبههم من رقدتهم ويعرفهم أن حب المال لا يقتضي نموه ، ولو اقتضى نموه ما اقتضى إيجابه للسعادة فقال : { إذ دكت الأرض } أي حصل دكها ورجها وزلزلتها لتسويتها فتكون كالأديم الممدود بشدة المط لا عوج فيها بوجه ، وأشار بالبناء للمفعول إلى سهولة ذلك لأن الأمر عظيم لعظمة الفاعل الحق ، ولذلك قال : { دكاً دكاً * } أي مكرراً بالتوزيع على كل موضع ذاتٍ فيها ، فيكون لكل جبل وأكمة وثنية وعقبة دك يخصه على حدته ليفيد ذلك أنه دك مبالغ فيه فتصير جبالها وأكمامها هباءً منثوراً ثم تستوي حتى لا يكون فيها شيء من عوج ، وهو كناية عن زلازل عظيمة لا تحملها الجبال الرواسي فيكف بغيرها .