لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{قَالُواْ فَمَا جَزَـٰٓؤُهُۥٓ إِن كُنتُمۡ كَٰذِبِينَ} (74)

تَجَاسَرَ إخوةُ يوسف بجريان جزاءٍ السَّرِقةِ عليهم ثقةً بأنفسهم أنهم لم يُباشِروا الزَّلَّة ، وكان بنيامينُ شريكَهم في براءة السَّاحةِ ، فلما استُخْرِجَ الصَّاعُ مِنْ وعائه بَسَطَ الإخوةُ فيه لسانَ الملامةِ ، وبقي بنيامين فلم يكن له جوابٌ كأنَّه أقَرَّ بالسرقة ، ولم يكن ذلك صدقاً إذ أنه لم يَسْرِقْ ، ولو قال : لم أَفْعَلْ لأفشى سِرّ يوسف عليه السلام الذي احتال معهم ذلك لأجْلِه حتى يُبْقِيه معه ، فَسَكَتَ لسان بنيامين ، وتحقَّق بالحالِ قَلْبُه .

ويقال لم يستصعب الملامة - وإنْ كان بريئاً - مما قُرِنَ به ، ولا يَضُرُّ سوءُ المقالةِ بالمكاشفين بعد حَسْنِ الحالةِ مع الأحباب .

ويقال سيء بما أَظْهَرَتْ عليه المقالة ، ولكن حَصَلَ له بذلك صفاءُ الحالة .