في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{تَنزِيلُ ٱلۡكِتَٰبِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ} (2)

( حم . تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم . إن في السماوات والأرض لآيات للمؤمنين . وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون . واختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها ، وتصريف الرياح ، آيات لقوم يعقلون ) . .

يذكر الحرفين : حا . ميم ويذكر بعدهما تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم . وفيهما دلالة على مصدر الكتاب ، كما أسلفنا الحديث عن الأحرف المقطعة في أوائل السور . من ناحية أن هذا الكتاب المعجز مصوغ من مثل هذه الأحرف ، وهم لا يقدرون على شيء منه ،

فهذه دلالة قائمة على أن تنزيل هذا الكتاب من الله( العزيز )القادر الذي لا يعجزه شيء . ( الحكيم )الذي يخلق كل شيء بقدر ، ويمضي كل أمر بحكمة . وهو تعقيب يناسب جو السورة وما تتعرض له من ألوان النفوس .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{تَنزِيلُ ٱلۡكِتَٰبِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ} (2)

وقوله تعالى : { تَنزِيلُ الكتاب } خبر بعد خبر على أنه مصدر أطلق على المفعول مبالغة ، وقوله سبحانه : { مِنَ الله العزيز الحكيم } صلته أو خبر ثالث أو حال من { تَنزِيلَ } عاملها معنى الإشارة أو من { تَنزِيلَ } عاملها معنى الإشارة أو من { الكتاب } الذي هو مفعول معنى عاملها المضاف ، وقيل : { حم } مبتدأ وهذا خبره والكلام على المبالغة أيضاً أو تأويل { تَنزِيلَ } بمنزل ، والإضافة من إضافة الصفة لموصوفها ، واعتبار المبالغة أولى أو المسمى به تنزيل الخ . وتعقب بأن الذي يجعل عنواناً للموضوع حقه أن يكون قبل ذلك معلوم الانتساب إليه وإذ لا عهد بالتسمية بعد فحقها الاخبار بها ، وجوز جار الله جعل { حم } مبتدأ بتقدير مضاف أي تنزيل حم و { تَنزِيلَ } المذكور خبره و { مِنَ الله } صلته ، وفيه إقامة الظاهر مقام المضمر إيذاناً بأنه الكتاب الكامل إن أريد بالكتاب السورة ، وفيه تفخيم ليس في تنزيل حم تنزيل من الله ، ولهذا لما لم يراع في حم السجدة هذه النكتة عقب بقوله تعالى : { كتاب فُصّلَتْ } [ فصلت : 3 ] ليفيد هذه الفائدة مع التفنن في العبارة ، وإن أريد الكتاب كله فللإشعار بأن تنزيله كإنزال الكل في حصول الغرض من التحدي والتهدي ، فدعوى عراء هذا الوجه عن فائدة يعتد بها عراء عن إنصاف يعتد به . وإن جعل تعديداً للحروف فلا حظ له من الإعراب وكان { تَنزِيلَ } خبر مبتدأ مضمر يلوح به ما قبله أي المؤلف من جنس ما ذكر تنزيل الكتاب أو مبتدأ خبره الظرف بعده على ما قاله جار الله ، وقيل : { حم } مقسم به ففيه حرف جر مقدر وهو في محل جر أو نصب على الخلاف المعروف فيه و { تَنزِيلَ } نعت مقطوع فهو خبر مبتدأ مقدر والجملة مستأنفة وجواب القسم قوله تعالى :

إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ