جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{تَنزِيلُ ٱلۡكِتَٰبِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ} (2)

بسم الله الرحمن الرحيم

{ حم تنزيل{[4556]} الكتاب } ، إن كان حم اسما للسورة مبتدأ ، فلا بد من تقدير أي : تنزيل حم تنزيل الكتاب ، إذ السورة نفسها ليست بتنزيل ، فإن كان المراد من الكتاب السورة ، فيه إقامة الظاهر مقام المضمر ، كما تقول : شعر نابغة شعره ، وإن كان المراد القرآن فالمعنى على التشبيه ، أي : تنزيل حم كتنزيل سائر القرآن في البيان ، والهداية والإعجاز والحكمة ، { من الله العزيز الحكيم } ، وقيل : حم قسم{[4557]} وتنزيل صفته ، وجوابه قوله تعالى : { إن في السماوات والأرض للآيات للمؤمنين } .


[4556]:قوله:{تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم} هذه الآية وأمثالها دلت على أن الله عز وجل- بذاته فوق العرش بائن من جميع المخلوقات، كما قال الحافظ العلامة شمس الدين ابن القيم رحمه الله في القصيدة النونية: والله أخبرنا بأن كتابه *** تنزيله بالحق والبرهان أيكون تنزيلا وليس كلام من *** فوق العباد أذاك ذو إمكان؟! أيكون تنزيلا من الرحمن والر *** حمن ليس مبائن الأكوان؟! وقال في موضع آخر من الكتاب المذكور: واذكر نصوصا في الكتاب تضمنت *** تنزيله من ربنا الرحمن فتضمنت أصلين قام عليهما *** الإسلام والإيمان كالبنيان كون الكتاب كلامه سبحانه *** وعلوه من فوق كل مكان وعدادها سبعون حين تعد أو *** زادت على السبعين في الحسبان وذكر شيخ الإسلام أبو العباس - رحمه الله تعالى- أنه سئل بعض أئمة نفاة العلو عن نزول الرب عز وجل، فقال: ينزل أمره، فقال له السائل: فممن ينزل الأمر من العدم المحض؟! فبهت وكان كبيرا فيهم، انتهى/12.
[4557]:أي: مقسم به/12.