الآيتان 1و2 قوله تعالى : { حم } { تنزيل الكتاب } قد ذكرنا في غير موضع .
وقوله تعالى : { من الله العزيز الحكيم } قد ذكرنا أيضا تأويل { العزيز الحكيم } في غير موضع أيضا /505-ب/ ثم إنما ذكر { العزيز الحكيم } على إثر ذلك ليُعلم أنه ما أنزل الكتاب ، وما أمرهم ، وما نهاهم ، وامتحنهم بأنواع المِحن ليتعزّز هو بذلك ، أو يريد له عِزا وسلطانا أو قوة إذا ائتمروه ، وأطاعوه . وإذا خالفوه ، ولم يطيعوه في ما أمرهم ، وارتكبوا ما نهاهم ، يلحقه ذلّ أو نقصان في مُلكه وسلطانه .
بل إنما فعل ذلك من الأمر والنهي وأنواع المِحن لمنفعة [ أنفس ]{[1]} المُمتحَنين ليتعزّزوا إذا اتّبعوا أمره ، وأطاعوه ، ويلحقهم ذلّ ونقصان إذا تركوا اتّباعه ، بخلاف ملوك الأرض فإنه يزيد لهم اتّباع من اتّبعهم عزا وسلطانا وقوة في ملكهم ، وترك أتباعهم إياهم وارتكاب ما نهوهم عنهم يوجب لهم ذلاّ ونقصانا في ملكهم ، لأن المخلوق كان عزيزا بغيره ، فإذا زال ذلك زال عزّه ، وصار ذُلاًّ .
فأما الله سبحانه وتعالى [ فهو ]{[2]} عزيز بذاته ، فلا يلحقه النقصان بمخالفة من خالفه ، ولا يزداد عِزّه بائتمار من ائتمَره .
وهو{[3]} الحكيم ، والحكيم الذي لا يلحقه الخطأ في التدبير . يذكر هذا ليُعلم أن من أنشأ من الخلائق على علم منه أنهم يكفرون به ، ويعصونه ، لم يزل عنه الحكمة ، ولا أخرجه منها لما ذكرنا أنه لم يُنشئهم لحاجة له{[4]} فيهم أو لمنفعة ترجع إليه ، ولكن لحاجة لهم ولمنفعة ترجع إلى أنفسهم ، ومثله في الشاهد يزيل الحكمة ، ويدخل في حد السّفه لما ذكرنا أنهم إنما يفعلون لحوائجهم .
فكان الفعل مع العلم بأنه لا منفعة له فيه ، ولا{[5]} مضرّة ، لا يكون حكمة منهم . لذلك افترق والغائب ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.