في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَا يَرۡقُبُونَ فِي مُؤۡمِنٍ إِلّٗا وَلَا ذِمَّةٗۚ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُعۡتَدُونَ} (10)

( لايرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة ، وأولئك هم المعتدون )

فصفة الاعتداء أصيلة فيهم . . تبدأ من نقطة كرههم للإيمان ذاته وصدودهم عنه ؛ وتنتهي بالوقوف في وجهه ؛ وتربصهم بالمؤمنين ؛ وعدم مراعاتهم لعهد معهم ولا صلة ؛ إذا هم ظهروا عليهم ؛ وأمنوا بأسهم وقوتهم . وعندئذ يفعلون بهم الأفاعيل غير مراعين لعهد قائم ، ولا متحرجين ولا متذممين من منكر يأتونه معهم . . وهم آمنون . . !

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لَا يَرۡقُبُونَ فِي مُؤۡمِنٍ إِلّٗا وَلَا ذِمَّةٗۚ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُعۡتَدُونَ} (10)

وقوله تعالى : { لا يرقبون } الآية ، وصف لهذه الطائفة المشترية يضعف ما ذهب إليه من قال إن قوله { اشتروا بآيات الله } هو في اليهود ، وقوله تعالى : { في مؤمن } إعلام بأن عداوتهم إنما هي بحسب الإيمان فقط ، وقوله أولاً { فيكم } كان يحتمل أن يظن ظان أن ذلك للإحن التي وقعت فزال هذا الاحتمال بقوله { في مؤمن } ، ثم وصفهم تعالى بالاعتداء والبداءة بالنقض للعهود والتعمق في الباطل .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لَا يَرۡقُبُونَ فِي مُؤۡمِنٍ إِلّٗا وَلَا ذِمَّةٗۚ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُعۡتَدُونَ} (10)

{ لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة }

يجوز أن تكون هذه الجملة بدلَ اشتمال من جملة : { إنهم ساء ما كانوا يعملون } [ التوبة : 9 ] لأنّ انتفاء مراعاة الإلّ والذمّة مع المؤمنين ممّا يشتمل عليه سوء عملهم ، ويجوز أن تكون استئنافاً ابتُدىء به للاهتمام بمضمون الجملة . وقد أفادت معنى أعمّ وأوسع ممّا أفاده قوله : { وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلّاً ولا ذمة } [ التوبة : 8 ] لأنّ إطلاق الحكم عن التقييد بشرط { إن يظهروا عليكم } [ التوبة : 8 ] يَفيد أنّ عدم مراعاتهم حقّ الحلف والعهد خُلُق متأصّل فيهم ، سواء كانوا أقويّاء أم مستضعفين ، وإنّ ذلك لسوء طويتهم للمؤمنين لأجل إيمانهم . والإلّ والذمّة تقدّما قريباً .

{ وأولئك هم المعتدون }

عطف على جملة : { لا يرقبون في مؤمن إلّاً ولا ذمة } لمناسبة أنّ إثبات الاعتداء العظيم لهم ، نشأ عن الحقد ، الشيء الذي أضمروه للمؤمنين ، لا لشيء إلاّ لأنّهم مؤمنون كقوله تعالى : { وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد } [ البروج : 8 ] .

والقَصر إمّا أن يكون للمبالغة في اعتدائهم ، لأنّه اعتداء عظيم باطني على قوم حالفوهم وعاهدوهم ، ولم يُلحقوا بهم ضرّ مع تمكّنهم منه ، وإمّا أن يكون قصر قلب ، أي : هم المعتدون لا أنتمْ لأنّهم بَدَأوكم بنقض العهد في قضية خزاعة وبني الدِّيل من بكر بن وائِل ممّا كان سبباً في غزوة الفتح .