التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{لَا يَرۡقُبُونَ فِي مُؤۡمِنٍ إِلّٗا وَلَا ذِمَّةٗۚ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُعۡتَدُونَ} (10)

ثم بين - سبحانه - أن عداوة هؤلاء المشركين ليست خاصة بالمؤمنين الذين يقمون معهم ، وإنما هي عداوة شاملة كل مؤمن مهما تباعد عنهم فقال - تعالى - : { لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً وأولئك هُمُ المعتدون } .

أى : أن هؤلاء المشركين لا يراعون في أمر مؤمن يقدرون على الفتك به عهدا يحرم الغدر ، ولا قرابة تقتضى الود ، ولا ذمة توجب الوفاء خشية الذم . . وإنما يبيتون الحقد والعدر والأذى لكل مؤمن ، من غير أن يقيموا للعهود أو للفضائل وزنا .

وهذه الآية الكريمة أعم من قوله - تعالى - : قبل ذلك : { كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً } لأن هذه بينت أن عدوانهم على المؤمنين مقيد بظهورهم عليهم ، أما التي معنا فقد بينت أن عدوانهم ليست مقيدا بشئ ، فهم متى وجدوا الفرصة اهتبلوها في الاعتداء على المؤمنين ولأن التي معنا بينت ان عداوتهم قد شملت كل مؤمن مهما كان موضعه . أما الآية السابقة فهى تخاطب المؤمنين الذين كان بينهم وبين الشمركين الكثير من الحروب والدماء .

وقوله { وأولئك هُمُ المعتدون } تذييل قصد به ذمهم والتحقير في شأنهم .

أى : وأولئك المشركون الموصوفون بتلك الصفات السيئة هم المتجاوزون لحدود الله والخارجون على كل فضيلة ومكرمة .