فلما أكثروا في الأرض الفساد ، كان العلاج هو تطهير وجه الأرض من الفساد :
" فصب عليهم ربك سوط عذاب . إن ربك لبالمرصاد " . .
فربك راصد لهم ومسجل لأعمالهم . فلما أن كثر الفساد وزاد صب عليهم سوط عذاب ، وهو تعبير يوحي بلذع العذاب حين يذكر السوط ، وبفيضه وغمره حين يذكر الصب . حيث يجتمع الألم اللاذع والغمرة الطاغية ، على الطغاة الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد .
والصب يستعمل في السوط لأنه يقتضي سرعة في النزول ، ومنه قول الشاعر في المحدودين في الإفك :
فصبت عليهم محصدات كأنها *** شآبيب ليست من سحاب ولا قطر{[11795]}
ومن ذلك قول المتأخر في صفة الخيل :
صببنا عليها ظالمين سياطنا *** فطارت بها أيد سراع وأرجل{[11796]}
وإنما خص ( السوط ) بأن يستعار للعذاب لأنه يقتضي من التكرار والترداد ما لا يقتضيه السيف ولا غيره وقال بعض اللغويين ( السوط ) هنا مصدر من ساط يسوط إذا اختلط فكأنه تعالى قال خلط عذاب{[11797]} .
والصب حقيقته : إفراغ ما في الظرف ، وهو هنا مستعار لحلول العذاب دَفعة وإحاطته بهم كما يصب الماء على المغتَسِل أو يصب المطر على الأرض ، فوجه الشبه مركب من السرعة والكثرة ونظيره استعارةُ الإِفراغ في قوله تعالى : { ربنا أفرغ علينا صبراً } [ البقرة : 250 ] ونظير الصب قولهم : شن عليهم الغارةَ .
وكان العذاب الذي أصاب هؤلاء عذاباً مفاجئاً قاضياً .
فأما عاد فرأوا عارض الريح فحسبوه عارض مطر فما لبثوا حتى أطارتهم الريح كل مطير .
وأما فرعون فحسبوا البحر منحسراً فما راعهم إلا وقد أحاط بهم .
والسوط : آلة ضرب تتخذ من جلود مضفورة تضرب بها الخيل للتأديب ولتحمِلَها على المزيد في الجري .
وعن الفراء أن كلمة { سوط عذاب } يقولها العرب لكل عذاب يدخل فيه السوط ( أي يقع بالسوط ) ، يُريد أن حقيقتها كذلك ولا يريد أنها في هذه الآية كذلك .
وإضافة { سوط } إلى { عذاب } من إضافة الصفة إلى الموصوف ، أي صب عليهم عذاباً سوطاً ، أي كالسوط في سرعة الإِصابة فهو تشبيه بليغ .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
يعني نقمته وكانت نقمته عذابا...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره : فأكثروا في البلاد المعاصي ، وركوب ما حرّم الله عليهم "فَصَبّ عَلَيْهِمْ رَبّكَ سَوْطَ عَذَابٍ" يقول تعالى ذكره : فأنزل بهم يا محمد ربك عذابَه ، وأحلّ بهم نقمتَه ، بما أفسدوا في البلاد ، وطغَوْا على الله فيها . وقيل : فصَبّ عليهم ربهم سَوط عذاب . وإنما كانت نِقَما تنزل بهم ، إما ريحا تُدَمرهم ، وإما رَجفا يُدَمدم عليهم ، وإما غَرَقا يُهلكهم ، من غير ضرب بسوط ولا عصا ، لأنه كان من أليم عذاب القوم الذين خوطبوا بهذا القرآن الجلد بالسياط ، فكثر استعمال القوم الخبر عن شدّة العذاب الذي يعذّب به الرجل منهم ، أن يقولوا : ضُرب فلان حتى بالسّياط ، إلى أن صار ذلك مثلاً ، فاستعملوه في كلّ معذّب بنوع من العذاب شديد ، وقالوا : صَبّ عليه سَوط عذاب .
الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :
وقال أهل المعاني : هذا على الاستعارة ؛ لأنّ السوط عندهم غاية العذاب ، فجرى ذلك لكلّ عذاب .
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
وذكر السوط : إشارة إلى أن ما أحله بهم في الدنيا من العذاب العظيم بالقياس إلى ما أعدّ لهم في الآخرة ، كالسوط إذا قيس إلى سائر ما يعذب به ....
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
والصب يستعمل في السوط لأنه يقتضي سرعة في النزول .....وإنما خص ( السوط ) بأن يستعار للعذاب، لأنه يقتضي من التكرار والترداد ما لا يقتضيه السيف ولا غيره ...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
وهو تعبير يوحي بلذع العذاب حين يذكر السوط ، وبفيضه وغمره حين يذكر الصب ....
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
والصب حقيقته : إفراغ ما في الظرف ، وهو هنا مستعار لحلول العذاب دَفعة وإحاطته بهم كما يصب الماء على المغتَسِل أو يصب المطر على الأرض ، فوجه الشبه مركب من السرعة والكثرة ونظيره استعارةُ الإِفراغ في قوله تعالى : { ربنا أفرغ علينا صبراً } [ البقرة : 250 ] ونظير الصب قولهم : شن عليهم الغارةَ . وكان العذاب الذي أصاب هؤلاء عذاباً مفاجئاً قاضياً . فأما عاد فرأوا عارض الريح فحسبوه عارض مطر فما لبثوا حتى أطارتهم الريح كل مطير . وأما ثمود فقد أخذتهم الصيحة . وأما فرعون فحسبوا البحر منحسراً فما راعهم إلا وقد أحاط بهم . والسوط : آلة ضرب تتخذ من جلود مضفورة تضرب بها الخيل للتأديب ولتحمِلَها على المزيد في الجري .....وإضافة { سوط } إلى { عذاب } من إضافة الصفة إلى الموصوف ، أي صب عليهم عذاباً سوطاً ، أي كالسوط في سرعة الإِصابة فهو تشبيه بليغ . ...
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.