في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَا تَأۡتِيهِم مِّنۡ ءَايَةٖ مِّنۡ ءَايَٰتِ رَبِّهِمۡ إِلَّا كَانُواْ عَنۡهَا مُعۡرِضِينَ} (46)

30

ومع تلك الآيات الواضحات فالعباد في غفلة ، لا تتوجه أنظارهم ، ولا تستيقظ قلوبهم ؛ ولا يكفون عن سخريتهم وتكذيبهم ، واستعجالهم بالعذاب الذي ينذرهم به المرسلون :

( وإذا قيل لهم : اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم لعلكم ترحمون . وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين . وإذا قيل لهم : أنفقوا مما رزقكم الله ، قال الذين كفروا للذين آمنوا أنطعم من لو يشاء الله أطعمه ? إن أنتم إلا في ضلال مبين . ويقولون : متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ? ) . .

إن تلك الآيات بذاتها لا تثير في قلوبهم التطلع والتدبر والحساسية والتقوى . وهي بذاتها كافية أن تثير في القلب المفتوح هزة ورعشة وانتفاضة ؛ وأن تخلطه بهذا الوجود . هذا الكتاب المفتوح الذي تشير كل صفحة من صفحاته إلى عظمة الخالق ، ولطيف تدبيره وتقديره . ولكن هؤلاء المطموسين لا يرونها . وإذا رأوها لا يتدبرونها . والله - لعظيم رحمته - لا يتركهم مع هذا بلا رسول ينذرهم ويوجههم ويدعوهم إلى رب هذا الكون وبارى ء هذا الوجود . ويثير في قلوبهم الحساسية والخوف والتقوى ويحذرهم موجبات الغضب والعذاب ، وهي محيطة بهم ، من بين أيديهم ومن خلفهم ، إلا ينتبهوا لها يقعوا فيها في كل خطوة من خطواتهم . وتتوالى عليهم الآيات مضافة إلى الآيات الكونية التي تحيط بهم في حيثما يتجهون . ولكنهم مع هذا يظلون في عمايتهم سادرين :

( وإذا قيل لهم : اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم لعلكم ترحمون . وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين ) . .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَمَا تَأۡتِيهِم مِّنۡ ءَايَةٖ مِّنۡ ءَايَٰتِ رَبِّهِمۡ إِلَّا كَانُواْ عَنۡهَا مُعۡرِضِينَ} (46)

شرح الكلمات :

{ وما تأتيهم من آية } : أي وما تأتيهم من آية أو من حجة من حجج القرآن وبيّنة من بيناته الدالة على توحيد الله وصدق الرسول إلا كانوا عنها معرضين غير ملتفتين إليها ولا مبالين .

المعنى :

وقوله { وما تأتيهم من آية من آيات } كلام ربهم القرآن الكريم تحمل الحجج والبراهين على صحة ما يدعون إليه من الإِيمان والتوحيد إلا كانوا عنها معرضين تمام الإِعراض كأن قلوبهم قُدت من حجر والعياذ بالله تعالى .

/ذ46