في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{مِن فِرۡعَوۡنَۚ إِنَّهُۥ كَانَ عَالِيٗا مِّنَ ٱلۡمُسۡرِفِينَ} (31)

17

وفي الصفحة المقابلة مشهد النجاة والتكريم والاختيار :

( ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين من فرعون إنه كان عالياً من المسرفين . ولقد اخترناهم على علم على العالمين . وآتيناهم من الآيات ما فيه بلاء مبين ) . .

ويذكر هنا نجاة بني إسرائيل من العذاب المهين في مقابل الهوان الذي انتهى إليه المتجبرون المتعالون المسرفون في التجبر والتعالي : " من فرعون إنه كان عاليا من المسرفين " . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{مِن فِرۡعَوۡنَۚ إِنَّهُۥ كَانَ عَالِيٗا مِّنَ ٱلۡمُسۡرِفِينَ} (31)

وقوله : { مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا [ مِنَ الْمُسْرِفِينَ ] } {[2]} أي : مستكبرًا جبارًا عنيدًا ، كقوله : { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأرْضِ [ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا ] {[3]} } [ القصص : 4 ] .

وقوله : { فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ } [ المؤمنون : 46 ] ، [ وقوله { فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ } ] {[4]} [ العنكبوت : 39 ] ، [ فكان فرعون ] سِرفًا{[5]} في أمره ، سخيف الرأي على نفسه .


[2]:ورواه ابن مردويه وأبو الشيخ كما في الدر (3/270).
[3]:في د: "وأديت".
[4]:في د: "إنهم قالوا".
[5]:في د: "تكفروهما".
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{مِن فِرۡعَوۡنَۚ إِنَّهُۥ كَانَ عَالِيٗا مِّنَ ٱلۡمُسۡرِفِينَ} (31)

وقوله : { من فرعون } الأظهر أن يكون بدلاً مطابقاً للعذاب المهين فتكون { مِن } مؤكدة ل { من } الأولى المعدية ل { نجينا } لأن الحرف الداخل على المبدل منه يجوز أن يدخل على البدل للتأكيد . ويحسن ذلك في نكت يقتضيها المقام وحسنّه هنا ، فأظهرت { مِن } لخفاء كون اسم فرعون بدلاً من العذاب تنبيهاً على قصد التهويل لأمر فرعون في جَعل اسمه نفس العذاب المَهِين ، أي في حال كونه صادراً من فرعون .

وجملة { إنه كان عالياً } مستأنفة استئنافاً بيانياً لبيان التهويل الذي أفاده جعل اسم فرعون بدلاً من العذاب المهين . والعالي : المتكبر العظيم في الناس ، قال تعالى : { إن فرعون علا في الأرض } [ القصص : 4 ] .

و { من المسرفين } خبر ثان عن فرعون ، والإسراف : الإفراط والإكثار . والمراد هنا الإكثار في التعالي ، يراد الإكثار في أعمال الشر بقرينة مقام الذم . و { من المسرفين } أشد مبالغة في اتصافه بالإسراف من أن يقال : مسرفاً ، كما تقدم في قوله تعالى : { قال أعوذ بالله أنْ أكونَ من الجاهلين } في سورة البقرة ( 67 ) .