روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{مِن فِرۡعَوۡنَۚ إِنَّهُۥ كَانَ عَالِيٗا مِّنَ ٱلۡمُسۡرِفِينَ} (31)

{ مِن فِرْعَوْنَ } بدل من العذاب على حذف المضاف والتقدير من عذاب فرعون أو جعله عليه اللعنة عين العذاب مبالغة ، وجوز أن يتعلق بمحذوف يقع حالاً أي كائناً من جهة فرعون ، وقيل : متعلق بمحذوف واقع صفة أي كائناً أو الكائن من فرعون ولا بأس بهذا إذا لم يعد ذلك من حذف الموصول مع بعض صلته .

وقرأ عبد الله { مِنْ عَذَابِ المهين } على إضافة الموصوف إلى صفته كبقلة الحمقاء . وقرأ ابن عباس من { فِرْعَوْنُ } على الاستفهام لتهويل العذاب أي هل تعرفون من فرعون في عتوه وشيطنته فما ظنكم بعذابه ، وقيل : لتحقير فرعون بجعله غير معلوم يستفهم عنه كالنكرة لما فيه في القبائح التي لم يعهد مثلها وما بعد يناسب ما قبل كما لا يخفى .

وأياً ما كان فالظاهر أن الجملة استئناف ، وقيل : إنها مقول قول مقدر هو صفة للعذاب ، وقدر المقول عنده إن كان تعريف العذاب للعهد ومقول إن كان للجنس فلا تغفل { إِنَّهُ كَانَ عَالِياً } متكبراً { مِّنَ المسرفين } في الشر والفساد ، والجار والمجرور إما خبر ثان لكان أي كان متكبراً مغرقاً في الإسراف ، وإما حال من الضمير المستتر في عالياً أي كان متكبراً في حال إغراقه في الإسراف .