اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{مِن فِرۡعَوۡنَۚ إِنَّهُۥ كَانَ عَالِيٗا مِّنَ ٱلۡمُسۡرِفِينَ} (31)

قوله : «من فرعون » فيه وجهان :

أحدهما : أنه بدل من «العذاب » ، إمَّا على حذف مضاف ، أي من عَذَابِ فِرْعَوْنَ ، وإما على المبالغة جعل نفس العذاب ، فأبدله منه .

والثاني : أنه حال من العذاب تقديره : صادراً مِنْ فِرْعَوْنَ{[50359]} . وقرأ عبد الله : مِنْ عَذَاب المُهِينِ{[50360]} ، وهي من إضافة الموصوف لصفته ، إذ الأصل : العذاب المهين كالقراءة المشهورة . وقرأ ابن عباس ( رضي الله عنهما ){[50361]} مَنْ فِرْعَوْنُ ؟ بفتح الميم «من »{[50362]} ورفع فرعون على الابتداء والخَبَر ، وهو استفهام تحقير ، كقولك : مَنْ أَنْتَ وَزَيْداً{[50363]} ؟ ثم بين حالة بالجملة بعد قوله : { إِنَّهُ كَانَ عَالِياً مِّنَ المسرفين } . والتقدير : هل تعرفون من هو في عُتُوه وشَيْطَنَته ؟ ثم عرف حاله بقوله : { إِنَّهُ كَانَ عَالِياً مِّنَ المسرفين } أي كان عالي الدرجة في طبقة المسرفين ، ويجوز أن يكون المراد إنه كان عالياً كقوله : { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي الأرض } [ القصص : 4 ] وكان أيضاً مسرفاً ومن إسرافه أنه كان على حقارته وخسته ادَّعى الإلهية .


[50359]:الدر المصون 4/816.
[50360]:في أ مهين والتصحيح من ب وانظر في هذه القراءة الكشاف 3/405 ومختصر ابن خالويه 138 وهي شاذة.
[50361]:زيادة من أ.
[50362]:من شواذ القراءات انظر الكشاف 3/504 والبحر المحيط 8/37.
[50363]:كذا في النسختين: وزيدا بالنصب والأصح: زيد رفعا.