في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنِّي جَزَيۡتُهُمُ ٱلۡيَوۡمَ بِمَا صَبَرُوٓاْ أَنَّهُمۡ هُمُ ٱلۡفَآئِزُونَ} (111)

99

( إنه كان فريق من عبادي يقولون : ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين . فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري ، وكنتم منهم تضحكون ) . .

وكذلك لم يكن جرمكم أنكم كفرتم فحسب ، واقتصرتم على أنفسكم بالكفر وهو جرم عظيم ؛ إنما بلغ بكم السفه والتوقح أن تسخروا ممن آمنوا ، وراحوا يرجون غفران ربهم ورحمته ؛ وأن تضحكوا منهم حتى ليشغلكم هذا الهذر عن ذكر الله ، ويباعد بينكم وبين التدبر والتفكر في دلائل الإيمان المبثوثة في صفحات الوجود . . فانظروا اليوم أين مكانكم ومكان أولئك الذين كنتم تسخرون منهم وتضحكون :

إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون ) . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنِّي جَزَيۡتُهُمُ ٱلۡيَوۡمَ بِمَا صَبَرُوٓاْ أَنَّهُمۡ هُمُ ٱلۡفَآئِزُونَ} (111)

ثم أخبر عما جازى به أولياءه وعباده الصالحين ، فقال : { إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا } أي : على أذاكم لهم واستهزائكم منهم ، { أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ } أي : جعلتهم هم الفائزين{[20696]} بالسعادة والسلامة والجنة ، الناجين{[20697]} من النار .


[20696]:- في ف : "الفائزون".
[20697]:- في ف : "الناجون".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنِّي جَزَيۡتُهُمُ ٱلۡيَوۡمَ بِمَا صَبَرُوٓاْ أَنَّهُمۡ هُمُ ٱلۡفَآئِزُونَ} (111)

وقوله : إنّي جَزَيْتُهُمْ اليَوْمَ بِمَا صَبروا يقول تعالى ذكره : إني أيّها المشركون بالله المخّلدون في النار ، جَزَيت الذين اتخذتموهم في الدنيا سخريّا من أهل الإيمان بي ، وكنتم منهم تضحكون . اليومَ بما صَبَرُوا على ما كانوا يلقَون بينكم من أذى سخريتكم وضحككم منهم في الدنيا . إنّهُمْ هُمُ الفَائِزُونَ .

اختلفت القرّاء في قراءة : «إنّهُمْ » فقرأته عامة قرّاء أهل المدينة والبصرة وبعض أهل الكوفة : أنّهُمْ ، بفتح الألف من «أَنهم » بمعنى : جزيتهم هذا . ف«أنّ » في قراءة هؤلاء : في موضع نصب بوقوع قوله : «جزيتهم » عليها ، لأن معنى الكلام عندهم : إني جزيتهم اليوم الفوز بالجنة . وقد يحتمل النصب من وجه آخر ، وهو أن يكون موجّها معناه إلى : إني جزيتهم اليوم بما صبروا ، لأنهم هم الفائزون بما صبروا في الدنيا على ما لَقُوا في ذات الله . وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة : «إنّي » بكسر الألف منها ، بمعنى الابتداء ، وقالوا : ذلك ابتداء من الله مدحهم .

وأولى القراءتين في ذلك بالصواب قراءة من قرأ بكسر الألف ، لأن قوله : «جزيتهم » ، قد عمل في الهاء والميم ، والجزاء إنما يعمل في منصوبين ، وإذا عمل في الهاء والميم لم يكن له العمل في «أن » فيصير عاملاً في ثلاثة إلا أن يُنْوَى به التكرير ، فيكون نصب «أَنّ » حينئذٍ بفعل مضمر لا بقوله : «جزيتهم » ، وإن هي نصبت بإضمار لام لم يكن له أيضا كبير معنى لأن جزاء الله عباده المؤمنين بالجنة ، إنما هو على ما سَلَف من صالح أعمالهم في الدنيا وجزاؤه إياهم وذلك في الاَخرة هو الفوز ، فلا معنى لأن يَشْرُط لهم الفوز بالأعمال ثم يخبر أنهم إنما فازوا لأنهم هم الفائزون .

فتأويل الكلام إذ كان الصواب من القراءة ما ذكرنا : إني جزيتهم اليوم الجنة بما صبروا في الدنيا على أذاكم بها ، في أنهم اليوم هم الفائزون بالنعيم الدائم والكرامة الباقية أبدا ، بما عملوا من صالحات الأعمال في الدنيا ولقوا في طلب رضاي من المكاره فيها . )

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنِّي جَزَيۡتُهُمُ ٱلۡيَوۡمَ بِمَا صَبَرُوٓاْ أَنَّهُمۡ هُمُ ٱلۡفَآئِزُونَ} (111)

{ إني جزيتهم اليوم بما صبروا } على أذاكم . { أنهم هم الفائزون } فوزهم بمجامع مراداتهم مخصوصين به ، وهو ثاني مفعولي { جزيتهم } . وقرأ حمزة والكسائي بالكسر استئنافا .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنِّي جَزَيۡتُهُمُ ٱلۡيَوۡمَ بِمَا صَبَرُوٓاْ أَنَّهُمۡ هُمُ ٱلۡفَآئِزُونَ} (111)

جملة { إني جزيتهم } خبر { إن } الأولى لزيادة التأكيد . وتقدم نظيره في قوله { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا } في سورة الكهف .

وقوله : { أنهم هم الفائزون } قرأه الجمهور بفتح همزة ( أن ) على معنى المصدرية والتأكيد ، أي جزيتهم بأنهم . وقرأه حمزة والكسائي بكسر همزة ( إن ) على التأكيد فقط فتكون استئنافاً بيانياً للجزاء .

وضمير الفصل للاختصاص ، أي هم الفائزون لا أنتم .

وقوله : { بما صبروا } إدماج للتنويه بالصبر ، والتنبيه على أن سخريتهم بهم كانت سبباً في صبرهم الذي أكسبهم الجزاء . وفي ذلك زيادة تلهيف للمخاطبين بأن كانوا هم السبب في ضر أنفسهم ونفع من كانوا يعدّونهم أعداءهم .