في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا نَوۡمَكُمۡ سُبَاتٗا} (9)

( وجعلنا نومكم سباتا . وجعلنا الليل لباسا . وجعلنا النهار معاشا ) . .

وكان من تدبير الله للبشر أن جعل النوم سباتا يدركهم فيقطعهم عن الإدراك والنشاط ؛ ويجعلهم في حالة لا هي موت ولا هي حياة ، تتكفل بإراحة أجسادهم وأعصابهم وتعويضها عن الجهد الذي بذلته في حالة الصحو والإجهاد والانشغال بأمور الحياة . . وكل هذا يتم بطريقة عجيبة لا يدرك الإنسان كنهها ، ولا نصيب لإرادته فيها ؛ ولا يمكن أن يعرف كيف تتم في كيانه . فهو في حالة الصحو لا يعرف كيف يكون وهو في حالة النوم . وهو في حالة النوم لا يدرك هذه الحالة ولا يقدر على ملاحظتها ! وهي سر من أسرار تكوين الحي لا يعلمه إلا من خلق هذا الحي وأودعه ذلك السر ؛ وجعل حياته متوقفة عليه . فما من حي يطيق أن يظل من غير نوم إلا فترة محدودة . فإذا أجبر إجبارا بوسائل خارجة عن ذاته كي يظل مستيقظا فإنه يهلك قطعا .

وفي النوم أسرار غير تلبية حاجة الجسد والأعصاب . . إنه هدنة الروح من صراع الحياة العنيف ، هدنة تلم بالفرد فيلقي سلاحه وجنته - طائعا أو غير طائع - ويستسلم لفترة من السلام الآمن ، والسلام الذي يحتاجه الفرد حاجته إلى الطعام والشراب . ويقع ما يشبه المعجزات في بعض الحالات حيث يلم النعاس بالأجفان ، والروح مثقل ، والأعصاب مكدودة ، والنفس منزعجة ، والقلب مروع . وكأنما هذا النعاس - وأحيانا لا يزيد على لحظات - انقلاب تام في كيان هذا الفرد . وتجديد كامل لا لقواه بل له هو ذاته ، وكأنما هو كائن حين يصحو جديد . . ولقد وقعت هذه المعجزة بشكل واضح للمسلمين المجهودين في غزوة بدر وفي غزوة أحد ، وامتن الله عليهم بها . وهو يقول : ( إذ يغشيكم النعاس أمنة منه ) . . ( ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم ) . . كما وقعت للكثيرين في حالات مشابهة !

فهذا السبات : أي الانقطاع عن الإدراك والنشاط بالنوم ضرورة من ضرورات تكوين الحي ؛ وسر من أسرار القدرة الخالقة ؛ ونعمة من نعم الله لا يملك إعطاءها إلا إياه . وتوجيه النظر إليها على هذا النحو القرآني ينبه القلب إلى خصائص ذاته ، وإلى اليد التي أودعتها كيانه ، ويلمسه لمسة تثير التأمل والتدبر والتأثر .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا نَوۡمَكُمۡ سُبَاتٗا} (9)

{ وجعلنا نومكم سباتا } أي قطعا لأعمالكم . وهو إشارة إلى ما قاله تعالى في صفة الليل : " لتسكنوا فيه " لتستريحوا فيه من عناء العمل طول النهار ؛ من السبت وهو القطع . يقال : سبت الشيء سبتا ، قطعه . وسبت شعره وسلته : حلقه ؛ والفعل كضرب ونصر . أو جعلناه نوما خفيفا غير ممتد حتى لا يختل أمر معاشكم ؛ من السبت بمعنى الراحة والسكون . يقال : سبت يسبت ، استراح وسكن .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا نَوۡمَكُمۡ سُبَاتٗا} (9)

سباتا : راحة ، سَبَتَ سَبْتا : نام واستراح وسكن .

4-{ وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً } وجعلنا النومَ راحةً لكم من عَناءِ الأعمال التي تزاولونها في النهار ، وانقطاعاً عن السعي . وفيه نعمةٌ كبيرة على الإنسان ، ففيه يتوقف نشاط الجزء المدرِك الواعي من المخّ ، ويحصل هبوط كبير في نشاط كافة أعضاء الجسم وأنسجته مما يترتب عليه انخفاضٌ في توليد طاقة الجسم وحرارته . وهكذا يأخذ الجسم أثناءَ النوم نصيباً من الهدوء والراحة بعد عناء المجهودات العضلية والعصبية ، فتهبط جميع وظائف الجسم الحيويّة ، ما عدا عمليات الهضم وإفراز البول من الكليتين ، والعَرق من الجلد . . . أما التنفس فيبطئ ويصير أكثر عمقا ، كما ينخفض ضغطُ الدم ، وتبطئ سرعة النبض ، ويقل مقدار الدم الذي يدفعه من القلب . وكل هذا يسبّب الراحةَ للإنسان في مدة نومه ، ويحدّد نشاطه حين يفيق .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا نَوۡمَكُمۡ سُبَاتٗا} (9)

{ وجعلنا نومكم سباتاً } يعني : راحة لأبدانكم . قال الزجاج : السبات : أن ينقطع عن الحركة والروح فيه . وقيل : معناه جعلنا نومكم قطعاً لأعمالكم ، لأن أصل السبت : القطع .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا نَوۡمَكُمۡ سُبَاتٗا} (9)

{ وجعلنا نومكم سباتا } راحة لأبدانكم

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا نَوۡمَكُمۡ سُبَاتٗا} (9)

" وجعلنا نومكم سباتا " " جعلنا " معناه صيرنا ؛ ولذلك تعدت إلى مفعولين . " سباتا " المفعول الثاني ، أي راحة لأبدانكم ، ومنه يوم السبت أي يوم الراحة ، أي قيل لبني إسرائيل : استريحوا في هذا اليوم ، فلا تعملوا فيه شيئا . وأنكر ابن الأنباري هذا وقال : لا يقال للراحة سبات . وقيل : أصله التمدد ؛ يقال : سبتت المرأة شعرها : إذا حلته وأرسلته . فالسبات كالمد ، ورجل مسبوت الخلق : أي ممدود . وإذا أراد الرجل أن يستريح تمدد ، فسميت الراحة سبتا . وقيل : أصله القطع . يقال : سبت شعره سبتا : حلقه ، وكأنه إذا نام انقطع عن الناس وعن الاشتغال ، فالسبات يشبه الموت ، إلا أنه لم تفارقه الروح . ويقال : سير سبت : أي سهل لين . قال الشاعر{[15733]} :

ومطويةِ الأقرابِ أما نَهَارُهَا *** فَسَبْتٌ وأما ليلُهَا فَذَمِيلُ


[15733]:هو حميد بن ثور، والسبت: السير السريع. والذميل: السير اللين.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَجَعَلۡنَا نَوۡمَكُمۡ سُبَاتٗا} (9)

ولما ذكر ما هو سبب لبقاء النوع ، ذكر ما هو سبب لحفظه{[71079]} من إسراع الفساد فقال : { وجعلنا } أي بما لنا من العظمة { نومكم } الذي ركبنا البدن على قبوله { سباتاً * } أي{[71080]} قطعاً عن الإحساس والحركة التي أتعبتكم في نهاركم مع{[71081]} الامتداد والاسترسال إراحة للقوى الحيوانية والحواس الجثمانية{[71082]} وإزاحة لكلالها{[71083]} مع أنه قاطع لكمال الحياة ، فهو مذكر {[71084]}بالموتة الكبرى{[71085]} والاستيقاظ مذكر بالبعث ، قال الزجاج{[71086]} : السبات أن ينقطع عن الحركة والروح فيه .


[71079]:من ظ و م، وفي الأصل: حفظه.
[71080]:زيد من ظ و م.
[71081]:من ظ و م، وفي الأصل: من.
[71082]:من ظ و م، ، الأصل: الجسمانية.
[71083]:من ظ و م، وفي الأصل: لكلاها.
[71084]:من ظ و م، وفي الأصل: بالموت الكبير.
[71085]:من ظ و م، وفي الأصل: بالموت الكبير.
[71086]:راجع المعالم 7/166.